موسى بن علي بن محمد، المناوي ثم الحجازي الشيخ المشهور المعتقد، ولد سنة بضع وخمسين ونشأ بالقاهرة. وعنى بالعلم على مذهب مالك حفظ الموطأ وكتب ابن الحاجب الثلاثة وبرع في العربية، وحصل الوظائف ثم تزهد وطرح ما بيده من الوظائف بغير عوض وسكن الجبل وأعرض عن جميع أمور الدنيا، وصار يقتات بما ينبته الجبال، ولا يدخل البلد إلا يوم الجمعة ثم يمضي، ثم توجه إلى مكة سنة سبع وتسعين وسبعمائة فسكنها تارة والمدينة تارة على طريقته، ودخل اليمن في خلال ذلك، وساح في البراري كثيراً وكاشف وظهرت له كرامات كثيرة، ثم في الآخر أنس بالناس إلا أنه يعرض عليه المال الكثير فلا يقبله بل يأمر بتفرقته على من يعينه لهم ولا يلتمس منه شيئاً، وقد رأيته بمكة سنة خمس عشرة، وقد صار من كثرة التخلي ناشف الدماغ يخلط في كلامه كثيراً ولكنه في الأكثر واعي الذهن، ولا يقع في يده كتاب إلا كتب فيه ما يقع له سواء كان الكلام منتظماً أم لا، وربما كان حاله شبيه حال المجذوب، وكان يأخذ من بعض التجار شيئاً بثمن معين وينادي عليه بنفسه حتى يبيعه فيوفي صاحب الدين وينفق على نفسه البقية، ولم يكن في الغالب يقبل من أحد شيئاً، وكان يكاتب السلطان فمن دونه بالعبارة الخشنة والورع الزائد، مات في شهر رمضان، وقيل في شعبان.