ونهاهم وتحول فوق المنبر، والسلطان في ذلك يبكي وينتحب وقد باشر في سجوده التراب بجبهته، ثم ركب السلطان والعامة محيطة به، فدعا له بعضهم بالنصر فقال: سلوا الله فإنما أنا واحد منكم، واتفق أن نودي على النيل في صبيحة ذلك اليوم باثني عشر ذراعاً، فتباشر الناس بإجابة دعائهم، فاتفق أن السلطان سبح في النيل وهو مقيم في بيت كاتب السر الذي على شاطئ النيل فنودي من الغد بزيادة ثلاثين إصبعاً، فاستبشر الناس بذلك وقالوا إن ذلك ببركة السلطان، فسمع السلطان بذلك فأنكره عليهم وقال: وأنا عنده أسمع: لو علمت بسباحتي يقع ذلك لما سبحت، لأن مثل هذا يضل به العامة، وفي هذه الأيام أشيع أن قرا يوسف حاصر ولده محمد شاه ببغداد واستصفى أمواله، ثم تبين كذب ذلك وأن قرا يوسف كان قد تهيأ للمسير إلى البلاد الشامية. فشغله عنها خروج شاه رخ بن تمر.
وفي نصف رجب أمر السلطان مقبل الدويدار أن يلبس صدر الدين ابن العجمي خلعة بكتابة سر صفد وأن يخرجه في الحال، ففعل ذلك وانجمع عن الحسبة وسعى أن يقيم بالقاهرة بطالاً وأن يعفي من كتابة سر صفد، فشفع له عند السلطان فأعفي وألزم بالتوجه إلى القدس بطالاً، فسار في يوم الثلاثاء ثامن عشره، فلما كان في ثالث عشري رجب