للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميموني، وكان أبوه من أعيان الطلبة الشافعية عند شيخنا سراج الدين البلقيني وغيره، وكان نقيب درس الخشابية، ونشأ ولده هذا طالباً للعلم فمات أبوه وهو صغير، فتعاني طريقة الفقراء وأقام في زاوية ونصب له خادماً فبقي مدة، ثم ترك وواظب الحج في كل سنة، وكان كثير التلاوة جداً؛ فاتفق أنه ذكر لبعض الناس أنه رأى زين الدين التفهني في المنام في حالة ذكرها سيئة جداً، فادعى عليه أنه قال: قد أباح لي سيدي اللواط والخمر والحشيش والفطر في رمضان - إلى أشياء من هذا الجنس، فأنكر، فشهد عليه جماعة وثبت ذلك عن ابن الطرابلسي نائب الحنفي، ثم استفتى علماءهم فأفتوه بأن ذلك زندقة، فاتفق أن الحنفي ذكر ذلك للسلطان واستأذنه في إمضاء الحكم عليه فأمر بإحضاره، فلما كان يوم الاثنين سادس شوال أحضر إلى القصر وفي رقبته سلسلة فسلم ثم قال: يا عبد الرحمن اتق الله - يخاطب القاضي التفهني؛ فغضب وقال: حكمت بزندقتك وسفك دمك? وقال للحنبلي: نفذ لي، فقال: حتى ينفذ الشافعي? فامتنع، فسألني السلطان فقلت: وقعت عندي ريبة تمنع من تنفيذ هذا الحكم، فإني أعرف هذا وقد ذكر لي أن في عقله خللاً والقاضي سارع بالحكم في حال غضبه وتعصب العين للميموني وأحضر النقل بأن الزنديق إنما يقتل عندهم إذا كان داعية، وطال البحث في ذلك. وقام الحنفي ليقتله وأرسل إلى الوالي، فأشار عليه بعض ألزامه بالتأني في أمره، ثم عقد مجلس حافل بسببه وتغضب أكثر الجند وأكثر المباشرين عليه تبعاً للتفهني، ولم يبق معه سوى خشقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>