حاد الخلق عارفاً بالأمور الدنيوية كثير البر للفقراء شديداً على من يتعاطى الظلم من أهل الدولة، وهم الأشراف مراراً أن يؤمره تقدمة فلم يقدر ذلك، وكان هو في نفسه وحاله أكبر من المقدمين، مات في ليلة الخميس سابع عشرى شهر ربيع الأول عن خمس وعشرين سنة - تقريباً -، وماتت زوجته بعده بستة أيام، فيقال إنه كان جامعها لما أفاق من مرضه قبل النكسة فأصابها ما كان به من الداء، ونقل السلطان أولاده عنده وبنى لهم خان مرور بالقرب من بين القصرين وكان قد استهدم، فأخذه بالربع وعمره عمارة متقنة بحيث صار الذي يتحصل من ريعه يفي لأهل الربع بالقدر الذي يتحصل من جميعه.
جانبك بن حسين بن محمد بن قلاون سيف الدين بن الأمير شرف الدين ابن الناصر بن المنصور، ولد سنة بضع وخمسين، وأمر طبلخاناة في سلطنة أخيه الأشرف شعبان، ولما زالت دولة آل قلاون استمر ساكناً بالقلعة مع أهل بيته، وكانت عدتهم إذ ذاك ستماءة نفس، فما زال الموت يقلل عددهم إلى أن تسلطن الأشرف برسباي، فأمر بهم أن يسكنوا من القاهرة حيث شاؤا فتحولوا، ولم يكن فيهم يومئذ أقعد نسبا من جانبك بل كان قبله بقليل ولد الناصر حسن وقد تقدمت وفاته في. . . وأناف جانبك على السبعين.