حسن بن أحمد بن محمد، البرديني بدر الدين، قدم من السيوفة صغيراً ونشأ بالقاهرة فقيراً، ونزله أبو غالب القبطي الكاتب بمدرسته التي أنشأها بجوار باب الخوخة، فقرأ على الشيخ شمس الدين الكلائي ولم يتمهر في شئ من العلوم، بل لما ترعرع تكسب بالشهادة، ثم ولى التوقيع واشتهر به وكانت لديه معرفة بالأمور الدنيوية فراج على ابن خلدون فنوه به، وكذا صدر الدين المناوي، ولم ينتقل في غالب عمره عن ذلك ولا عن ركوب الحمار، حتى كان بأواخر دولة جمال الدين الأستادار فإن فتح الله نوه به، فركب الفرس وناب في الحكم وطال لسانه، واشتهر بالمروءة والعصبية فهرع الناس إليه لقضاء حوائجهم وصار عمدة القبط في مهماتهم يقوم بها أتم قيام - فاشتد ركونهم إليه - وخصوه هم بها فلايثق أحد منهم فيها بغيره، فصارت له بذلك سمعة، وكان يتجوه على كاتب السر فتح الله بناظر الجيش ابن نصر الله، وعلى ناظر الجيش بكاتب السر فتح الله، وعلى سائر الأكابر بهما معاً، فحوائجه مقضية عند الجميع، ولما باشر نيابة الحكم أظهر العفة ولم يأخذ على الحكم شيئاً، فأحبه أكثر الناس وفضلوه