آخر نهارها، فوجدنا أميرها قد رحل بأهلها وأمتعتهم، فحكم اصحاب الأغراض الدنيوية، وهم غالب الناس عليهم بنقض العهد، وأفتاهم بذلك من تسمي باسم الطلب ممن لم يرسخ قدمه في العلوم الدينية، ولم تطل ممارسته للسنة النبوية، ولا اتسعت معارفه في الأحوال الحربية والسياسات الشرعية، وتشبثوا بما لا تمسك فيه، فاشتد الأذى وعظم الخطب، فسعوا في تلك الأراضي بالفساد ونهبوا ما وجدوه في بعض البلاد، وحرقوا وقتلوا، فنهيت من قدرت عليه وبالغت في الزجر، وبحثت مع بعض من أضلهم حتى قطعت حججهم، وذكرت أنا تحققنا لهم عهداً فلا نزيله إلا بتحقق نقضه وان عذرهم في الهرب الخوف من المفسدين، وما في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا - الآية من الإشارة إلى التأني، وعلى ذلك فإنهم لعمري لم يرجعوا بقلوبهم، ثم ذكرت قصة يهود بني النضير في ذهاب النبي ﷺ إليهم - يستعينهم في دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري ﵁ خطا، وجلوسه ﷺ إلى بعض جدرهم، وعزمهم على أن يطرحوا عليه صخرة ليقتلوه وإخبار الله تعالى له بذلك، وأنه مع تحققه لنقضهم لم يبادر إليهم بالقتال بل خيرهم بينه وبين المسير من بلاده إلى آخر القصة؛ فبينما نحن على ذلك إذ جاءت رسل صاحب قبرس في آخر يوم الخميس تخبر بان ضيافته تلاقي العسكر في الباف بإشباع الموحدة -،