عاد بالدبور، وهدت مكحلتنا عند ذلك ناحية من الجدار، وأضرم بسهم خطاي من تحته نار؛ وكان ذلك من بديع الآيات، وعظيم العنايات، وما زالت تقلله تقليلاً، وتهدمه قليلاً قليلاً، إلى أن هدمت منه جانباً كبيراً، وكان يوماً على الكافرين عسيراً.
وكان الأمير سودون قراقاش المؤيدي - قص على يوم السبت سادس عشري جمادى الأولى أنه رأى في المنام أن الحصار في مكان له سوران، قال: فهززت الذي يليني لأرميه، فقال: ارم الذي وراءك فهو الأهم، قال: فقلت: بل أرميك ثم أرميه؛ فكان تأويل ذلك أنه كان منزله وقت حصار هذا الحصن قرب البرج الأخير الذي يلي - فيه الباب، فاشرف من هناك بعض الفرنج ضحى يوم الخميس سادس عشر الشهر أعني جمادى الآخرة - وقالوا: قد كان قصدكم إلى رودس فنريد أن تذهبوا إليها قبل أن تنهك أنفسكم وأموالكم، فإن أخذتموها فنحن في قبضتكم، أو أعطونا سلورة حتى نذهب إليهم، فإن رضوا سلمنا لكم