جوازها وهو صعب العريكة، فبتنا بليلة رأينا فيها من الأهوال ما رأينا، وقاسينا من شديد الأحوال الذي قاسينا، ريح تكاد والعياذ بالله أن تقلب الغراب، وصيب لا ينجي منه ستر ولا ثياب، وبرق يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، وأمواج ما يمنعها كبر - من الكبر ومثيرها البحر الزخار، فضاقت الصدور من جامعين، وطارت القلوب من خافضين رافعين، ليل سواده أشد من سواد الغراب، وغراب أعظم في تقلبه من لاطائر النقاب، ثم انجلت الشمس وطاب الوقت، وابتدانا في اجتناء ثمرة الصلات من الفوز والنجاة، فسرنا في آخر ليلة الأربعاء ثالث عشر الشهر نحو القيقبون حتى أدركنا بقية الجيش في المكان الأول، واجتمعت الآراء على العود إلى الديار المصرية خوفاً من هيجان البحر وعدم موافقة الرياح - والله المستعان.
واتفق وصول أولهم إلى ساحل دمياط في يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر رجب، ووصل الخبر بذلك إلى القاهرة في يوم الجمعة