وأَلقيتَ من كفَّيك حبلَ جماعةٍ ... وطاعةَ مَهْديٍّ شديدِ النَّقائمِ
فإن تكُ قيسٌ في قُتيبةَ أُغضِبتْ ... فلا عَطستْ إلا بأجدعَ راغمِ
وهل كانِ إلا باهلياً مُجدَّعاً ... طَغى فسقيناهُ بكأسِ ابن خازِمِ
هو عبد الله بن خازم السُّلميُّ، ويكنى أبا صالح، وأمه سوداء يقال لها عجلى، وكان أشجع الناس، ولي خرسان عشر سنين، ثم ثار به أهلها فقاتلوه، فقتله وكيع بن الدَّورقيَّة السَّعديُّ التَّميميُّ. وكان قتيبة ولي خرسان ثلاث عشرة سنة، فافتتح خوارزم وسمرقند وبخارى. وقد كانوا كفروا.
وولد قتيبة كثير منهم سلم بن قتيبة: ولي البصرة مرتين؛ مرة لابن هُبيرة ومرة لأبي جعفر، وكان سيد قومه. ومات بالرَّي. وكنيته أبو قتيبة. وولد سلم جماعة منهم سعيد بن سلم: وولي أرمينية والموصل والسِّند وطبرستان وسجستان والجزيرة. وولده كثير. وكان من الأجواد. ومدح وهجي، ولم يكن أهلا للهجاء لكرم سجيته وطهارة طويَّته. والشاعر ربَّما مدح على الأدنى من الأغراض، وهجا على اليسير من الإغراض، فيبقى ذكرهما في الأعقاب مدى الأحقاب. والعاقل من وقى عرضه شاعر دي لَسَن بصلة وقول حسن. وقد أوصى بوقاية العرض خاتم الأنبياء، المختصُّ بالمقام المحمود واللواء الذي رفع الله ذكره ومكانه، وأولاه حبَّه. وحشا بعد الشقِّ حكما وعلما قبله.
قال أمير المؤمنين الرشيد يوما لسعيد بن سَلْم: يا سعيد، من بيت قيس في الجاهلية؟ قال: يا أمير المؤمنين، بنو فَزارة. قال: فمن بيتهم في الإسلام؟ قال: يا أمير المؤمنين، الشريف من شرَّفتموه. قال: صدقت أنت وقومك.