للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتين ". وفي رواية عبد الله بن جراد لهذا الخبر قال: فنظرت إليه كأن فاهُ البَردَ المتَهلَّلَ يتلأْلأُ ويَبْرق ما سقطت له سِن، ولا نغِلْت لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أجدت لا يَفضُضِ الله فاك ". وعاش النابغة بدعوة النبي عليه السلام حتى أتت عليه مئة سنة واثنتي عشرة سنة. فقال في ذلك:

أتتْ مئةً لعام وُلدتُ فيه ... وعشرٌ بعد ذلك واثنتانِ

وقد أبقتْ صروفُ الدهر مني ... كما أَبقت من الركن اليماني

ألا زَعمتْ بنو سعدٍ بأني ... ، وما كذَبوا، كبير السنِّ فانِ

وذكر عمر بن شبَّة عن أشياخه أن النابغة الجعدي عُمر مئة وثمانين سنة. وقال غيره: أدرك المنذر بن محرِّق، ونادمه، وكان أسنَّ من النابغة الذيباني. والدليل على ذلك أن الذِّبيانيَّ كان مع النعمان بن المنذر وأبي قابوس. وكان المنذر بن محرِّق قبل النعمان وهو جدُّه. ومات النابغة الذيباني في الجاهلية. وكان الجعديُّ طويل البقاء في الجاهلية والإسلام. وكان يرد على الخلفاء؛ ورد على عمر ثم عثمان، وبقي إلى أيام ابن الزبير، ومدحه بمكة. فقال له ابن الزبير: يا أبا ليلى، الشعرُ أهون وسائلك عندنا. ولك في مال الله تعالى حقّانِ: حقٌّ لرؤيتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، لشركتك أهل الإسلام في فيئهم. وكان يذكر في الجاهلية دين إبراهيم والحنيفية، ويصوم، ويستغفر فيما ذكروا. وقال في الجاهلية كلمتَه التي أولها:

المحدُ لله لا شريكَ له ... من لم يقلهْا فنفسَهُ ظَلما.

وفيها ضروب من دلائل التوحيد والإقرار بالبعث والجزاء والنار.

<<  <  ج: ص:  >  >>