وشَخَّصه الواثق من أجله من البصرة لما اعتُرضت الجاريةُ في إعرابه بين يدي الواثق، وكانت على الصَّواب، لأنها أخذته عن المازنيَّ كما ذكرت. والقصةُ بكاملها ذكرها الحريريُّ في " درة الغوّاص " من تأليفه.
ومن بني سَدوسٍ بن شيبانَ بن ذهل بن ثعلبةَ بن عُكابةَ عمران بن حِطَّانَ الشاريُّ الخارجيُّ، وكان من القعَد، قَعَد الصُّفرية، شاعراً مجيداً. لم يكن في الخوارج أشعر منه، عالماً بأيام العرب وأخبارها وقديراً على الكلام، يقول ما شاء من نظمٍ ونثرٍ. وهو عمران بن حطانَ بن ظَبْيانَ بن سعد بن معاوية بن الحرث ابن سدوس بن شَيبان بن ذُهلِ. وسَدوسُ بن شيبانَ: كانت له رِدافةُ آكل المُرار. وكان لهُ عشرةٌ من الوَلد منهم: الحارِثُ بن سَدوس: كان له واحد وعشرون ذكراً. قال الشاعر:
فلو شاءَ رَبي كان أيرُ أبيكمُ ... طويلاً كأيرِ الحارث بن سَدوسِ
وكان الحجاجُ يطلب عمرانَ بن حِطانَ ليقتلَهُ لأنه يحضُّ الخوارجَ بشعره على الخروجِ لسفك دماء المسلمين. ولما ظفر الحجاجُ به قال: اضربوا عنقَ ابن الفاجرة. فقال عمران: بئسَ ما أدَّبك أهلُكَ يا حجاجُ، أكنتَ أمِنتَ أن أُجيبك بمثل ما لَقيتَني به؟ أبعدَ الموت منزلةٌ أصانعُك عليها؟ فأَطرق الحجاجُ استحياءً، وقال: خلُّوا عنه، فخرج إلى أصحابه. فقالوا: ما أطلقكَ إلا اللهُ، فارجعْ إلى حربِه معنا. فقال: هَيهاتَ غلَّ يداً مُطلقُها، واسترقَّ رقبةً مُطلقُها. ثم قال:
أأُقاتل الحجَّاجَ عن سُلطانهِ ... بيدٍ تُقرُّ بأنَّها مَولاتهُ