للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن إياد قسُّ بن ساعدة الإياديُّ: خطيب العرب وحكيمها، وعُمِّر ثلاثمئة سنة، وزاد عليها سنين. وقيل إنه أدرك رأس الحَواريين " شَمعون الصَّفا ". وكان مُوحِّداً لله عزَّ وجلَّ في الجاهلية. ورآه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بسوق عكاظ يخطب الناس قبل أن يُبعث. وهو القائل في ذلك اليوم الذي رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب:

في الذاهبينَ الأوّلي ... ن من القرون لنا بصائرْ

لمّا رأيتُ موارداً ... للموت ليس لها مصادرْ

ورأيتُ قومي نحوها ... يمضي الأكابرُ والأصاغرْ

لا يَرجعُ الماضي ولا ... يبقَى من الباقين غابِرْ

أَيقنتُ أني لا مَحا ... لةَ حيث صار القومُ صائرْ

وقال محمدُ بن حبيب: زعموا أن قساً أولُ من آمن بالبعث من أهل الجاهلية، وأول من توكَّأ على عصاً، وأول من قال: " أما بعدُ " من العرب. وعثمرِّ ثمانين ومئة سنةً. وقيل: إن أول من قال: " أما بعدُ " كعب بن لؤي، وقد تقدَّم ذلك.

ومن إياد كعب بن مامة الإياديُّ: وكان أحد أجواد العرب. وكان سافر ورفيقه رجلٌ من النمر بن قاسطٍ، فقلَّ عليهما الماء، فتصافنا. والتصافنُ: أن يُطرح في الماء حجر، ثمَّ يُصبُّ فيه من الماء ما يَغمرُه لئلا يتغابنوا. فجعل النَّمريُّ يشرب نصيبه. فإذا أخذ كعب نصيبه قال: اسق أخاك النَّمريَّ، فيؤثره. حتى جُهد كعب، ورُفِّعت له أعلام الماء. فقيل له: رشدْ ولا ورود، فمات عطشاً. ففي ذلك يقول أبو دؤاد الإياديُّ:

أَوفَى على الماءِ كعبٌ ثم قيل له: ... رِدْ كعبُ إنك وَرَّادٌ. فما وَرَدا

<<  <  ج: ص:  >  >>