أو جهلها؟ قال ابن أبي دؤاد: علمها. قال الشيخ: فدعا الناس إليها؟ فسكت ابن أبي دؤاد. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلاث. فقال الواثق: ثلاث. قال
الشيخ: يا أحمد فاتَّسع لرسول الله إذ عَلِمها كما زعمت ولم يُطالب أمتهُ؟ قال: نعم. قال الشيخ: واتَّسع لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهم؟ فقال ابن أبي دؤاد: نعم. فأَعرض الشيخ عنه، وأقبل على الواثق فقال: يا أمير المؤمنين قد قدَّمتُ القول إنَّ أحمد يَقلُّ ويصبو ويضعف في المناظرة يا أمير المؤمنين إن لم يَّتسع لك من الإمساك عن هذه المقالة ما اتَّسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم فلا وسَّع الله على من لم يَّتسع له ما اتَّسع لهم من ذلك. فقال الواثق: نعم إن لم يَّتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم فلا وسع الله علينا، اقطعوا قيد الشيخ. فلما قُطع ضرب الشيخُ بيده إلى القيد ليأخذه فجاذبه الحدّاد عليه. فقال الواثق: دع الشيخ ليأخذه. فأخذه الشيخ فوضعه في كمِّه. فقال الواثق: لمَ جاذبت الحدّاد عليه؟ فقال الشيخ: لأني نويت أن أتقدَّم إلى من أُوصِّي إليه إذا ما متُّ أن أجعله بيني وبين كفني حتى أخاصم به هذا الظالم عند الله عز وجل يوم القيامة وأقول: يا ربِّ سل عبدك هذا لمَ قيدني وروَّع أهلي وولدي وإخواني بلا حقٍّ أَوجب ذلك عليَّ، وبكى الشيخ وبكى الواثق وبكينا. ثم سأله الواثق أن يجعله في حلٍّ وسعةٍ ممَّا قاله. فقال الشيخ: والله يا أمير المؤمنين لقد جعلتُك في حِلٍّ وسعةٍ من أول يومٍ إكراماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كنت رجلاً من أهله. فقال الواثق: لي إليك حاجةٌ؟ فقال الشيخ: إن كانت ممكنة. فقال الواثق: تُقيم قِبَلنا فننتفعُ بك، ينتفعُ فتيانُنا. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين إنَّ ردَّك إياي إلى الموضع الذي أَخرجني منه الظالم أنفع لك من مقامي عليك، وأخبرك بما في ذلك أَصير إلى أهلي وولدي فاَكفُّ دعاءهُم عليك، فقد خلَّفتهم على ذلك. فقال له الواثق: فتقَّبل منا صِلةً تستعين بها على دهرك. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين لا تَحلُّ لي، أنا عنها غني وذو مِرَّق سَوي. قال: فسل حاجتك. فقال: أو تقضيها يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: تُخلِّي سبيلي إلى الثَّغر الساعة، وتأذنُ لي. قال: قد أذنت لك. فسلَّم عليه الشيخ وخرج. قال صالح: قال المهتدي بالله