عمر ثم قال: اللهم إنه لم ينزل من السماء بلاء إلا بذنب، ولن يُكشف إلا بتوبة، وقد توجَّه بي القوم إليك لمكاني من نبيِّك، وإنَّك لا تُهمل الضَّالَّة ولا تدع الكسير بدار مضيعة. فقد ضرع الصغير، وفَرِق الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السِّرَّ وأخفى. اللهمَّ أغِثْهُم بغيثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا. فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الكافرون. اللهمَّ شفِّعنا في أنفسنا وأهلنا. اللهمَّ إِنَّا شفعاء عمَّن لا ينطق من بهائمنا وإنعامنا. اللهم اسقنا سقيا وادعا نافعا طَبَقا سَحَا عاما. قال: فأرخت السماء غزالَيها. فجاءت بأمثال الجبال حتى استوت الحفرُ بالآكام، وأخصبت الأرض، معاش الناس. فقال عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه. وفي رواية أخرى: فنشأت طُريرة من سحاب. فقال الناس: تَرونَ تَرونَ، حتى تلاءمت واسْتَتَبَّتْ، ومسَّت فيها ريح ثم هرَّت ودرَّت. فوالله ما برحوا حتى اعتلقوا الحذاء، وقلَّصوا المآزر. وطفق الناس يمسحون بأركان العباس ويقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين. وقال حسان بن ثابت:
سألَ الإمامُ وقد تَتابع جَدبُنا ... فسُقي الغَمامُ بغرَّة العباسِ
عمِّ النبيِّ وصِنوِ والدهِ الذي ... ورِثَ الفَخارَ بذَاك دون الناسِ
أحيا المليكُ به البلادّ فأصبحتْ ... مُخضَرَّة الأجنابِ بعدَ الياسِ
وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب: