وإذا تَعصَّوا بالصوارِم والقَنا ... سَدُّوا شعاعَ الشمسِ بالمُرَّانِ
هذه الأبيات منسوبة لقائلها من تاريخ بغداد الكبير للخطيب الحافظ أبي بكر أحمد بن عليِّ بن ثابت بن أحمد بن مهديِّ رضي الله عنه. وقال حسان بن ثابت في بني عبد المدان:
وقد كنا نقول إذا رأينا ... أخا جسم يهولُ وذا بَيانِ
كأنا أيها المُعطَى بَيانا ... وجسما من بني عبدِ المدانِ
وبويع أبو العباس ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الأول بالكوفة سنة اثنتين وثلاثين ومئة في بني أوْد فخذٍ من مَذححج في دار الوليد بن سعد مولى بني هاشم، دخل عليه وعلى أخيه أبي جعفر الدار المذكورة أبو سلمة حفص بن سليمان الخلَّلُ، وكانا فيها مُختفيين، فقال: أيكما عبد الله؟ فقال أبو جعفر كلانا عبد الله. فقال أبو سلمة: أيُّكم ابن الحارثية؟ فقال أبو العباس أنا. فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، وبايعه. فلما أصبح أمره فركب. ثم حمله حتى صلى بالناس الجمعة في مسجد الكوفة الأعظم. وبويع في ذلك اليوم بيعة العامة، فأقام في خلافته أربع سنين وتسعة أشهر، وتوفي بالأنبار في ذي الحجة سنة ستٍّ وثلاثين ومئة. ويقال إنه ولي العهد وهو ابن ثمان وعشرين سنة. وقال المسعودي: عُمِّر ثلاثا وثلاثين سنة، وكانت بنته ريطة عند المهديِّ.
وأما عبد الله بن محمد أبو جعفر المنصور فأمه بربريَّة اسمها سلاَّمة، ومولده بالسَّراة في ذي الحجة سنة خمس وتسعين. وكانت خلافته اثنين وعشرين سنة إلا شهرا. وبويع له بالأنبار يوم مات أبو العباس أخوه، وكان أبو جعفر غائبا، وولي ذلك والإرسال به في الوجوه عيسى بن علي عمُّه. فلقيتْ أبا جعفر