للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيعته في الطريق، ومضى أبو جعفر حتى قَدِم الكوفة، وصلى بالناس وخطبهم، ثم شَخَصَ حتى قدم الأنبار، وقدم أبو مسلم عليه فقتله بروميَّة المدائن.

وولي أبو جعفر الخلافة، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة. وكان سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي صُفرة، ضربه بالسِّياط. فلما ولي الخلافة وظفر به صلبه. وخرج أبو جعفر حاجّا سنة أربعين ومئة، وكان أحرم من الحيرة. وقد كان قبل خروجه أمر بمسجد الكعبة أن يُوسَّع في سنة تسع وثلاثين، وكانت تلك السنة تُدعى " عام الخصب " فوسِّع. ولما قضى أبو جعفر حجَّه صَدَرَ إلى المدينة فأقام فيها ما شاء الله، ثم توجَّه إلى الشام، حتى صلَّى في بيت المقدس، ثم انصرف إلى الرقة، ثم سلك الفرات حتى نزال المدينة الهاشمية بالكوفة، ثم حضر الموسم سنة أربع وأربعين ومئة، ثمَّ تحوَّل إلى بغداد سنة خمس وأربعين ومئة، وسمَّاها الزَّوراء، ويقال لها أيضا مدينة السلام.

وذكر أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ في تاريخه الكبير حُسْن بناء أبي جعفر لها، وغرابته وإتقانه، وأبدع في وصفها كلَّ الإبداع. وأتمَّ أبو جعفر بناءها. واتّخذها منزلا سنة ستٍّ وأربعين ومئة، فلم يلبث أبو جعفر بعد أن حلَّ بغداد إلا يسيرا حتى خرج محمد بن عبيد الله بن حسن بن حسن بالمدينة، فلما بلغه خروجه انحدر إلى الكوفة مسرعا، فوجَّه الجيوش إلى المدينة عليهم عيسى بن موسى وعلى مقدَّمته حُمَيد بن قَحطبة، فقُتل محمد بن عبد الله في شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومئة. وكان أخوه إبراهيم بن عبد الله خرج إلى البصرة في أول يوم في شهر رمضان. فلما انتهى إليه قَتْلُ أخيه خرج متوجِّها إلى الكوفة، وأقبل عيسى بن موسى فالتقوا بباخَمْرا من أرض الكوفة، فقُتل إبراهيم وأصحابه في سنة خمس وأربعين ومئة.

وخرج أبو جعفر يريد الحجَّ سنة ثمان وخمسين ومئة، فمات لستٍّ خلون من ذي الحجة على بئر ميمون، وقد بلغ من السن ثلاثا وستين سنة وشهورا. وبئر ميمون بأعلى مكة، حفرها ميمون بن الحضرمي أخو العلاء ابن الحضرميّ في الجاهلية، فنُسبت إليه. وصلى عليه إبراهيم بن يحيى بن عليّ. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>