لوقت الجمعة، فجمع بهم. وهي أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. وكانت خطبته في هذه الجمعة الخطبة التي ذكرها الطبريُّ في تاريخه الكبير. الطبريُّ: حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: نا ابن وهب قال " حدثني سعيد بن عبد الرحمن الجُمحيُّ أنه بلغه أن خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلاّها بالمدينة في بني سالم بن عوف: " الحمد لله أحمَدهُ وأستعينُهُ، وأستغفره وأستهديه وأؤمن به ولا أكفُرُه، وأشهد أن لا إلى إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى والنور والموعظة على فترة من الرًُسل وقِلَّة من العلم وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنوِّ الساعة، وقُرب الأجل. مَن يُطِع الله ورسوله فقد رَشَد، ومَن يَعصِهِما فقد غوى وفرط وضلَّ ضلالا بعيدا. أوصيكم بتقوى الله، فإنه خير ما أوصى به المسلمُ المسلمَ أن يحضَّه على الآخرة، أو أن يأمره بتقوى الله، فاحذروا ما حذركم الله من نفسه، ولا أفضل من ذلك نصيحة، ولا أفضل من ذلك ذكرا. وإن تقوى الله لِمَن عَمِل به على وجل ومخافة من ربِّه عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة. ومَن يُصلح بينه وبين الله من أمره في السِّر والعلانية لا ينوي بذلك إلا وجه الله يكُن له ذِكراً في عاجل أمره، وذُخرا فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدَّم وما كان من سوى ذلك، يَودُّ أن لو بينه وبينه أمدا بعيدا. ويُحذِّركم الله نفسه، والله رؤوف بالعباد، والذي صَدَقَ قَولُه ونَجَز وعدَهُ، ولا خُلْفَ لذلك فإنه يقول عزَّ وجلَّ: ما يُبَدَّل القول لديَّ وما أنا بظلاَّم للعبيد، فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السِّر والعلانية، فإن من يتَّق الله يُكَفِّر عنه سيئاته، ويُعْظِم له أجرا. ومن يَتَّق الله فقد فاز فوزا عظيما، وإنَّ تقوى الله يوقي مَقْتَه، ويؤمن عقوبته ويوقي سخطَه، وإنَّ تقوى الله يُبيِّض الوجوه، ويُرضي الربَّ، ويرفعه الدرجة. خُذوا بِحظِّكم ولا تُفرطوا في جنب الله فقد علمكم الله كتابه ونَهَجَ لكم سبيله ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم وعادوا أعداءه، وجاهدوا في سبيل الله حقَّ جهاده، هو اجتباكم وسمَّاكم المسلمين من قَبلْ ليَهلِك من هَلَكَ عن بيِّنة ويَحيَا من حَي عن بيِّنة، ولا قوة إلا بالله. فأكثروا ذكر الله، واعملوا لِما بعد اليوم، فإنه من يُصلح ما بينه وبين الله يكفيه الله ما بينه وبين الناس، ذلك بأنَّ الله