وسلم:" أسرعكنَّ لحاقا بي أطولكنَّ يدا ". قالت: فكانت أطولنا يدا زينب، لأنها كانت تعمل بيديها وتتصدَّق.
وكانت لها حُسن منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحَّ أنها أول نسائه لحاقا به. وروي من وجوه عن عائشة أنها قالت: كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت امرأة قطٌّ خيرا في الدِّين من زينب أتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرَّحم وأعظم صدقة. وعن عبد الله بن شدَّاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب:" إنَّ زينب بنت جحش جحش أوَّاهة ". فقال رجل: أي رسول الله، ما الأوَّاه؟ قال:" الخاشع المتضرِّع، وإنَّ إبراهيم لحليم أوَّاه منيب ". وكانت تفخر على نساء النبيِّ عليه السلام، وتقول: إنَّ آبائكنَّ أنكحوكنَّ، وإنَّ الله أنكحني إيَّاه من فوق سبع سماوات.
وتوفيت في خلافة عمر سنة عشرين، وفيها افتتحت مصر. وقيل: بل توفيت سنة إحدى وعشرين، وفيها افتتحت الإسكندرية.
ثم أمُّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. واسمها رملة، وهي من المهاجرات من أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله ابن جحش، وهو أبو ابنتها حبيبة، وبها كانت تكنى. فتنصَّر عبيد الله ومات نصرانيا بأرض الحبشة. وهو القائل بها للمسلمين: فقَّحنا وصأصأتم، أي: أبصرنا الدين وعميتم عنه. قيل: الصأصأة أن لا يقدر الجرو أن يفتح عينه عندما تلده الكلبة. فإذا فتح عينيه قيل: فقَّح.
وخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، وهي بأرض الحبشة، وأصدقها عنه النجاشيُّ أربعمئة دينار. وولي عقد نكاحها عند النجاشيّ خالد بن سعيد بن العاصي. وقيل عثمان بن عفان رضي الله عنه. وتزوَّجها سنة ستٍّ، وبنى بها سنة سبع. بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم شرحبيل بن حسنة فجاءه بها. وقيل لأبي سفيان، وهو يحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن محمدا قد نكح ابنتك. فقال: ذاك الفحل لا يُقدعُ أنفه. ودخل عليها بيتها، رضي الله عنها، أبوها أبو سفيان قبل فتح مكة حين بَعَثته قريش ليشدَّ العقد لمَّا صنعوا