وأما مابور فإنه كان ابن عم مارية، وكان يهتم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي:" اذهب فاضرب عنقه ". فأتاه علي فإذا هو في ركيٍّ يتبرَّد فيها. فقال له علي: اخرج. فناوله يده، فأخرجه، فإذا هو مجبوب ليس له ذكر. فكفَّ عنه علي، ثم أتى النبيَّ عليه السلام فقال: يارسول الله: والله إنه لمجبوب. وروى الأعمش هذا الحديث فقال فيه: قال علي: يارسول الله أكون كالسِّكَّة المحماة، أو الشاهد يرى مالا يرى الغائب. فقال: بل الشاهد يرى مالايرى الغائب والثانية ريحانة بنت شمعون بن زيد بن قنافة: كذا نسبها ابن عبد البر في الاستيعاب.. إحدى نساء بني قريظة، اصطفاها لنفسه من نسائهم حين سباهنَّ، وكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها وهي في ملكه. وذكرها ابن إسحاق وسمَّاها فقال: هي ريحانة بنت عمرو بن خنافة. وقال غيره: كانت وفاتها قبل وفاة النبي عليه السلام سنة عشر، مرجعه من حجَّة الوداع.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليها أن يتزوَّجها ويضرب عليها الحجاب. فقالت: يارسول الله، بل تتركني في ملكك، فهو أخفُّ عليَّ وعليك، فتركها وقد كانت حين سباها قد تعصَّت بالإسلام، وأبت إلا اليهودية. فعزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجد في نفسه لذلك من أمرها. فبينما هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال:" إنَّ هذا لثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة ". فجاءه فقال: يارسول الله قد أسلمت ريحانة. فسره ذلك من أمرها.
وأبوها أبو ريحانة شمعون، وبها كني. وهو حليف الأنصار، ويقال له: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو مشهور بكنيته، وله صحبة وسماع ورواية. وكان من الفضلاء الزاهدين في الدنيا. نزل الشام، وروى عنه الشاميون.