حُليَتُهُ: وصفته عائشة، فقالت: كان أبيض نحيفا، خفيف العارضين، أجنَّا، لا يستمسك إزاره، يسترخي عن حَقَوَيه معروق الوجه، غاير العينين، ناتئ الجبهة، عاري الأشاجع. وقالت أيضا: كان يصبغ بالحنَّاء والكتم.
وكان سبب موته إنه اغتسل في يوم بارد فحمّ، فمرض فمات. وكان مرضه خمسة عشر يوما، وكان عمر يصلي بالناس حين ثَقُل. بل كان فيه طرف من السِّل. وقال أبو اليقظان، عن سلام بن أبي مُطيع، أنه مات مسموما، فالله أعلم. وكان نقش خاتمه:" نعم القادر الله " فيما ذكر الزبير بن بكَّار. وقال غيره: كان نقش خاتمه " سجد عبد ذليل لربٍّ جليل ". وروى الزَّهريُّ عن عروة، عن عائشة: أن أبا بكر لم يقل بيت شعر في الإسلام حيَّى مات، وأنه كان حرَّم الخمر على نفسه هو وعثمان رحمهما الله. وروي عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: دخلتُ على أبي بكر الصديق رحمة الله عليه في علَّته التي مات فيها يوما، فقلت: أراك بارئا يا خليفة رسول الله. فقال: أما إنِّي على ذلك لشديد الوجع، ولما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشدُّ عليَّ من وجعي، إنِّي ولَّيت أموركم خيركم في نفسي، فكلَّكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه، والله لتتخذنَّ نضائد الدِّيباج، وستور الحرير، ولَتألُمنَّ النوم على الصوف الأذريَّ كما يألم أحدكم النوم على حَسَك السَّعَدان، والذي نفسي بيده لئن يَقدَّم أحدكم فتُضرب عنقه في غير حدٍّ خير له من أن يخوض غَمَرات الدُّنيا، يا هادي الطريق، جُرتَ، إنَّما هو الفجر أو البحر. فقلت: خفِّض عليك يا خليفة رسول الله، فإنَّ هذا يهيضك إلى ما بك، فوالله ما زلت صالحا مُصلحا لا تأسى على شيء فاتك من الدنيا. ولقد تخلَّيت بالأمر وحدك فما رأيت إلا خيرا.