الله الكلام فاندفعت باكية، حتى على نحيبها. وقالت: يغفر الله لأمير المؤمنين، والله ما كنت أعددت ذلك الموضع إلا لنفسي، ولأوثرنَّه به. فأبلغه عبد الله كلامها، فحمد الله على ذلك. ثم قال: يا بنَّي إني أرى المرأة أذنت لك، وهي ترى أني أبقى، فإذا أنا متُّ فاغسلنى وكفنِّى. فإذا حملتني فتقدَّم السرير، ثم قل لها: هذا عمر يستأذن على الباب، فإن أذنت لي فادفنِّي مع صاحبيَّ، وإن أبت فأخرجني إلى البقيع.
مسلم عن ابن أبي مليكة قال: سمعت ابن عباس يقول: وضع عمر بن الخطاب على سريرٍ فتكنَّفة الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع، وأنا فيهم. قال: فلم يرعني إلا برجل قد أخذ منكبيَّ من ورائي، فالتفت ُّفإذا هو علي، فترحِّم على عمر وقال: ما خلَّفت أحداً أحبَّ إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك. وذلك أني كنت أكثر أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" جئت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو [بكر وعمر] " ...
ولم يعهد رضي الله عنه إلى أحد، بل جعل الأمر شورى في الستَّة الباقين من العشرة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ وهم: عثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد، فجمعهم عمر وقال: اجتمعوا ولا تختلفوا فأنتم رؤوس الناس. فإذا مت فليصلَّ صهيب بالناس ثلاثة أيام، ولا يأتي عليكم اليوم الرابع إلا وقد قدَّمتم إماماً. ومن اختلف عليكم بعد ثلاثٍ فاضربوا عنقه. ويحضر معكم ولد عبد الله في الشورى، وليس له في الخلافة حقُّ. فاختار عبد الرحمن بن عوف عثمان بعدما أخرج نفسه من الخلافة، فرضوا به، رضي الله عنهم جميعهم.
مسلم حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال: نا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عمر قال: حضرت أبى حين أصيب فأثنوا عليه، وقالوا: جزاك الله خيراً. فقال: راغب وراهب. فقالوا: استخلف. فقال: أتحمَّل أمركم حياً وميِّتاً؟ ولوددت أنَّ حظي منها الكفاف، لا علي ولى. فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير منى يعنى أبا بكر، وإن أترككم فقد ترككم من هو خير