للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحدَّث ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: لما دخل معاوية الكوفة حين سلَّم إليه الأمر الحسن بن علي كلَّم عمرو بن العاصي معاوية أن يأمر الحسن بن علي فيخطب الناس، فكره ذلك معاوية وقال: لا حاجة بنا إلى ذلك. قال عمرو: ولكني أُريد ذلك ليبدو عِيُّه، فإنه لا يدري هذه الأمور ما هي. ولم يزل بمعاوية حتى أمر الحسن يخطب. وقال له: قُم يا حسن، فكلِّم الناس فيما جرى بيننا. فقام الحسن، فتشهَّد وحمد الله وأثنى عليه وقال في بديهته: " أما بعدُ أيها الناس، فإن الله هداكم بأوَّلنا، وحقن دماءكم بآخرنا. وإنَّ لهذا الأمر مُدَّة، والدنيا دُول. وإن الله عزَّ وجلَّ يقول:) وإن أدري أقريبٌ أم بعيدٌ ما تُوعَدونَ إنه يعلم الجهرَ من القول ويعلمُ ما تكتمُون وإن أدري لعله فتنةٌ لكم ومتاعٌ إلى حين (.

فلما قالها قال له معاوية: إجلس فجلس. ثم قام معاوية فخطب الناس. ثم قال لعمرو: هذا من رأيك.

وروى مُجالد بن سعيد عن الشعبي قال: لما جرى الصُّلح بين الحسن بن علي وبين معاوية. قال له معاوية: قُم فاخطب الناس وأذكر ما كنت فيه. فقام الحسن، فخطب. فقال: " الحمد لله الذي هدى بنا أوَّلكم، وحقن بنا دماء آخركم. ألا أنَّ أكيس الكيس التُّقى، وأعجز العجز الفُجور. وإنَّ هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية. إما أن يكون كان أحقَّ به مني، وأما أن يكون حقي، فتركته لله ولصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائهم. قال: ثم التفت إلى معاوية فقال:) وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين (.

ثم نزل فقال عمرو لمعاوية: ما أردت إلا هذا.

ومات الحسن، رضي الله عنه، مسموما يُقال إن امرأته " جَعْدة " بنت الأشعث بن قيس سمَّته. دَسَّ إليها معاوية أن تسمَّه. فإذا مات أعطاها أربعين

<<  <  ج: ص:  >  >>