ألفا، وزوَّجها من يزيد فلما مات الحسن وفَّى لها بالمال وقال لها: ... حاجة هذا ما صنعت بابن فاطمة، فكيف تصنع بابن معاوية؟ فخسرت وما ربحت. وهذا أمر لا يعلمه إلا الله، ويُحاشى معاوية منه، وقيل: إن يزيد دسَّ إلى جعدة بذلك. وقد ذكر الخبرين أصحاب التواريخ.
وحدَّث قاسم بن أصبغ البيَّانيُّ قال: نا عبد الله بن رَوْح، نا عثمان بن عمر بن فارس قال: نا ابن عون، عن عُمير بن إسحاق قال: كنا عند الحسن ابن علي فدخل المَخْرَجَ ثم خرج فقال: سُقيت السمَّ مرارا وما سُقيت مثل هذه المرة. ولقد لفظتُ طائفة من كبدي، فرأيتني أُقلِّبها بعود معي. فقال الحسين: أي أخي من سقاك! فقال: وما تريد إليه؟ أتريد أن تقتله؟ قال: نعم. قال: لئن كان الذي أظنُّ فالله أشدُّ نقمة. ولئن كان غيره فما أريد أن يُقتل بي بريء.
ولما ورد البريد بموته على معاوية أتى ابن عباس معاوية فقال له: يابن عباس، احتسب الحسن، ولا يُحْزِنك الله ولا يسوؤك. فقال: أما ما أبقاك الله لي يا أمير المؤمنين فلا يُحزِنُني الله ولا يَسُوؤني. فأعطاه على كلمته ألف ألف وعوضا وأشياء. وقال له: خُذها واقسمها على أهلك.
وذُكر أنه لما بلغ معاوية موت الحسن كبَّر، وكبَّر من كان في مجلسه معه. وسمعت فاختة بنت قَرظَة زوجُه التكبير. فلما دخل عليها قالت له: يا أمير المؤمنين؛ إني سمعت تكبيرا عاليا في مجلسك، فما الخبر؟ فقال لها: مات الحسن. فبكت وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، سيِّد المسلمين وابن رسول الله تُكبِّر على موته؟ فقال لها معاوية: إنه والله كما قُلتِ فأقلِّي لومي ويحك.
ودخل عليه أبن عباس عشية يوم هذه القصة فقال: يا بن عباس أسمعت بموت الحسن؟ فبكى ابن عباس وقال: قد سمعت به، وبلغني يا معاوية إنك كبَّرتَ على موته، أما والله ما زاد موته في عمرك، وقد وافاه أجله، وقد زكا قوله وعمله، وصار إلى ما أعد الله له من الكرامة في دار المقامة مع جدَّه الرسول وأمَّه البتول وأبيه النفاع في الله الضَّرار، وعمه ذي الجناحين الطيار. ولئن رزئنا بفقدِ مَن هو خير منه؛ محمد صلى الله عليه وسلم.