حدَّثني عمي عن جدِّه عبد الله بن مُصعب، قال: استُشهد باليرموك الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وسُهيل بن عمرو، وأتوا بماء وهم صرعى، فتدافعوهُ؛ كلما دفع إلى رجل منهم قال: اسق فلاناً، حتى ماتوا ولم يشربوه. ولما أسلم عكرمة شكا قولهم: عكرمة بن أبي جهل، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا عكرمة بن أبي جهل، وقال:" لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات ". وفي أبي جهل عدوِّ الله يقول حسان:
الناسُ كنَّوهُ أبا حَكمٍ ... واللهُ كنّاهُ أبا جَهلِ
أَبقتْ رِئاستُهُ لأسْرتِهِ ... لُؤمَ الفروعِ ودقَّة الأصل
وقال رجل من بني مخزوم للأحوص بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الأنصاري كلاماً ليؤذيَهُ: أتعرف الذي يقول:
ذهبتْ قريشٌ بالمكارمِ كلِّها ... واللؤمُ تحت عمائمِ الأنصار؟
فقال الأحوص: أعرف الذي يقول: الناسُ كنَّوهُ أبا حكمٍ.. " البيتين ". والبيت الذي ذكر المخزوميُّ للأحوص بن محمد هو من قصيدة للأخطل التَّغلبِّي النصرانِّي أبعده اللهُ، هجا فيها الأنصار، أمره بذلك يزيد بن معاوية، إذا كان عَتب على قوم منهم، وكان أمر قبل ذلك بهجائهم كعب بن جُعيل التَّغلبِّي، فأبى عليه، ودلَّه على الأخطل، والدالُّ على الشيءِ كفاعله. وهذه أحقر مثالب يزيد ومآثمه، وأيسر الموبقة جرائمه، أو ليس هو المتمثِّل بقول عبد الله بن الزِّبَعري السَّهميِّ في يوم أحدٍ:
ليتَ أشياخي ببدرٍ شَهِدوا ... جزَعَ الخزرجِ من وَقْعِ الأسَلْ!