وأما نازلة سِبط الرسول الحسين فهي التي ألبستْهُ أبرادَ الشَّين، وقصَّرتْ مدته، وجعلت اليأس من شفاعة جدِّه عُدَّته، وقد كان البرُّ الحليم أبوه معاوية أوصاه به عند موته خيراً، وأن لا يُنِيلهُ - ولو جنى عليه - ضرراً ولاضيراً، فما قبل الوصية، بل عكس منها القضية، وعدل عن الحق إلى الباطل ظالماً، وكان للأعداء أهل البيت المطهَّر من الرجس مسالماً، غضباً للدنيا لا للدِّين، فعال الآثمين المعتدين، ونستعيذ بالله من الخذلان، ونسأله الفوز من عذابه في الدارين بالأمان.
ومن بني مخزوم عيَّاش بن أبي ربيعة: واسم أبي ربيعة عمرو بن المُغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، يُكنى أبا عبد الله. وهو أخو عبد الله بن أبي ربيعة لأمِّه وأبيه. وعبد الله بن أبي ربيعة هو أبو عمر الشاعر وعبد الرحمن وإبراهيم والحارث القُباع عامل ابن الزُّبير على البصرة. وأهل البصرة سمَّوه القُباع، وكان فاضلاً. وولَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن أبي ربيعة الجَنَد ومخاليفها. فلم يزل والياً عليها حتى قُتل عمر. وأسلم يوم الفتح، وكان من أحسن قريش وجهاً. وهو الذي بعثَتْهُ قريش مع عمرو بن العاصي إلى النَّجاشيِّ في مُطالبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين كانوا عنده بأرض الحبشة. يُعَدُّ في أهل المدينة، ومَخرجُ حديثه عنهم.
حدَّث أبو بكر أحمدُ بن زهير أبي خيثَمة: نا محمد بن عبَّادٍ المكَّيُّ، نا حاتم بن إسماعيل عن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزوميِّ، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن أبي ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما جزاءُ القرض الحمد والوفاء ". ويقولون إنه لم يرو عنه غيرُ ابنه إبراهيم. وكان اسمه في الجاهلية بجيراً، فسماه رسول اللهصلى الله عليه وسلم عبد الله. ويكنى أبا عبد الرحمن. وفيه يقول عبد الله بن الزِّبعري السَّهميُّ:
بجيرُ بن ذي الرُّمحين قرَّب مَجْلسي ... وراحَ علينا فضلُهُ غيرَ عاتِمِ