للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشرب بها حسا من الربيع ثم قال: " يأبا نيزر إنَّ الأكفَّ أنظف الآنية ".

ثم مسح ندى ذلك الماء على بطنه، وقال: " من أدخل بطنهُ النار فأبعده ". ثم أخذ المعول وأنحدر في العين فجعل يضرب، وأبطأ عليه الماء، وقد تفضَّج جبينه عرقا. فانتكف العرق على جبينه، ثم أخذ المعول وعاد إلى العين، فأقبل يضرب، فيها وجعل يهمهم، فانثالت كأنَّها عنق جزور، فخرج مسرعا. فقال: " أشهد الله " أنها صدقة. عليَّ بداوات وصحيفة ". قال: فجعلتُ بهما، فكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدَّق بالضَّيعتين المعروفتين بعين أبي نَيزَر والبُغَيبَغَة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل، ليقي الله بهما وجهه حرَّ النار يوم القيامة، لا تُباعا ولا تُوهبا حتى يرثها الله، وهو خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين، فهما طِلْق لهما، وليس لأحد غيرهم ".

قال: فركب الحسين دينٌ، فحمل إليه معاوية بعين أبي نَيْزَر مئتي ألف دينار، فبى أن يبيع. وقال: إنَّما تصدَّق بها أبي ليَقِيَ الله به وجهه حرَّ النار. ولست بائعهما بشيء.

كان أبو نَيزَر من أبناء ملوك الأعاجم. وقيل أنه من ولد النَّجاشيُّ، وهو الصحيح. فرغب في الإسلام صغيرا. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معه في بيوته. فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم صار مع فاطمة وولدها عليهم السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>