للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معك؟ قال: إني أخاف إذا شددتُ كذبتُم. قالوا: لا نفعل. فحمل عليهم حتى شقَّ صفوفهم، فجاوزهم وما معه أحد منهم. ثم رجع مُقبلا، فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين على عاتقه، بينها ضربة ضربها يوم بدر. قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير.

وحضر، رضي الله عنه، فتح مصر مع عمرو بن العاصي، بعثه عمر بن الخطاب من المدينة مددا لعمرو. وشهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها، وقُتل بوادي السباع راجعا من حرب الجمل.

وذكر الإمام الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبريُّ في تاريخه الكبير عن قتادة قال: سار عليٌّ من الزاوية يريد الزبير وطلحة وعائشة، وساروا من الفَرضَة يريدون عليا، فالتقوا عند موضع قصر عبيد الله بن زياد في النِّصف من جمادى الآخرة سنة ستٍّ وثلاثين يوم الخميس. فلما تراءى الجمعان خرج الزبير على فرس عليه السلاح. فقيل لعلي: هذا الزبير. فقال: أما إنه أحرى الرجلين إن ذُكِّر بالله أن يذكر. وخرج طلحة فخرج إليهما علي، فدنا منهما حتى اختلف أعناق دوابِّهما. فقال علي: لعمري لقد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا إن كنتم أعددتما عند الله عُذراً فاتَّقيا الله ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة إنكاثا، ألم أكن أخاكما في دينكما تحرِّمان دمي وأحرِّم دمائكما، فهل من حدث أحلَّ لكما دمي؟ قال طلحة: ألَّبتَ الناس على عثمان. قال علي: يومئذ يُوفِّيهمُ اللهُ دينهم الحقُّ ويعلمون أن الله هو الحقُّ المبين. يا طلحة تطلب بدم عثمان؟ فلعن الله قتلة عثمان. يا زبير أتذكر يوم مررت بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فناظر إليَّ فضحك وضحكت إليه، فقلت: لا يدعو ابن أبي طالب زهوه. فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه ليس بمُزْهٍ، ولتُقاتلنَّه، وأنت له ظالم "! فقال اللهمَّ نعم، ولو تذكَّرت ما سرتُ مسيري هذا. والله لا أقاتلك أبدا. فانصرف على إلى أصحابه فقال: أما الزبير فقد أعطى الله عهدا ألاَّ يقاتلكم. ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها: ما كنتُ في موطن منذ عقِلت إلا وأنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا. فقالت: فماذا تريد أن تصنع؟ فقال: أريد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>