أدعهم وأذهب. فقال له ابن عبد الله: جمعت هذين العارين حتى إذا حدَّد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب أحسستَ رايات ابن أبي طالب، وعلمت أنها تحملها فتية أنجاد؟ قال: إني قد حلفت أن لا أقاتله. فأحفظه ما قال له: كفِّر عن يمينك وقاتل. فدعا غلاما له يقال له " مكحول " فأعتقه. فقال رجل من شعرائهم:
يُعتِقُ مَكحولاً لصَونِ دينهِ ... كفَّارةً للهِ عن يمينهِ
والنَّكثُ قد لاحَ على جبينهِ وقال آخر:
لم أَرَ كاليومِ أخَا إخْوانِي ... أعجبَ من مُكفِّرِ الأيمانِ
بالعِتقِ في مَعْصِيَةِ الرَّحمنِ وقال الطبري في خبر آخر مُسند إلى من شهد يوم الجمل قال: لما انهزم الناس عن طلحة والزبير، مضى الزبير حتى مَرَّ بعسكر الأحنف. فلما رأوه وأخبر به قال: والله ما هذا بجبان. فقال للناس: من يأتنا بخبره؟ فقال عمرو بن جرموز لأصحابه: أنا. فتبعه، فلما لحقه نظر إليه الزبير وكان شديد الغضب. فقال: ما وراءك. قال: إنما أردت أن أسألك. فقال غلام للزبير يُدعى عطيَّة كان معه: إنه مُعد. فقال: ما يهولك من رجل. وحضرت الصلاة، فقال ابن جرموز: الصلاة. فقال الزبير: الصلاة. ويستدبره ابن جرموز، فطعنه من خلفه في جربَّان درعه، وأخذ فرسه وخاتمه وسلاحه، وخلَّى عن الغلام، فدفنه بوادي السباع، ورجع إلى الناس بالخبر. فأمَّا الأحنف فقال: والله ما أدري أأحسنت أم أسأت. ثم انحدر إلى عليٍّ، وابن جرموز معه فدخل عليه، فأخبره. فدعا بالسيف فقال: سيف طالما جلَّى الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعث بذلك إلى عائشة.