وقال الطبريُّ أيضا: حدثنا محمد بن عمارة الأسديُّ قال: أنا فُضَيل عن شقيق بن عُقبة، عن قُرَّة بن الحارث، عن جون بن قتادة قال قُرَّة بن الحارث: كنتُ مع الحنف، وكان جون قتادة ابن عمي مع الزبير بن العوَّام، فحدَّثني جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير فجاء فارس يسير، وكانوا يسلِّمون على الزبير بالإمارة. فقال: السلام عليك أيها الأمير. فقال: وعليك السلام. قال: هؤلاء القوم قد أتوا مكان كذا وكذا. فلم أر قوما أرثَّ سلاحا ولا أقلَّ عددا ولا أرعب قلوبا من قوم أتوك. ثم انصرف عنه، قال: ثم جاء فارس فقال: السلام عليك أيها الأمير. فقال: وعليك السلام. قال: جاء القوم حتى أتوا مكان كذا. فسمعوا ما جمع الله من العدد والعُدَّة والجدِّ. فقذف الله في قلوبهم الرعب، فولَّوا مدبرين. قال الزبير: أيها عنك، فوالله لو لم يجد ابن أبي طالب إلا العرفَجَ دبَّ إلينا فيه. قال: ثم انصرف. قال: ثم جاء فارس، وقد كادت الخيول أن تخرج من الرَّهج. فقال: السلام عليك أيها الأمير. قال: وعليم السلام. قال: هؤلاء القوم قد أتوك، فلقيت عمارا. فقلت له، وقال لي: فقال الزبير: إنه ليس فيهم. فقال: بلى والله إنه لفيهم. قال: لا والله ما جعله الله فيهم. قال: والله لقد جعله الله فيهم. فلما رأى الرجل يخالفه قال لبعض أهله: اركب فانظر أحقٌّ ما يقول؟ قال: فركب معه، فانطلقا، وأنا أنظر إليهما حتى وقفا في جانب الخيل قليلا، ثم رجعا إلينا. فقال الزبير لصاحبه: ما عندك؟ قال: صدق الرجل. قال الزبير: يا جدع أنفاه، أو يا قطع ظهراه. قال محمد بن عمارة: قال عبيد الله: قال فُضَيل: لا أدري أيهما. قال: ثم أخذه أفكل. قال: فجعل السلاح ينتقض. قال فقال جونٌ: ثكلتني أمي، هذا الذي كنت أريد أن أموت معه، أو أعيش. والذي نفسي بيده ما أخذ هذا ما أرى إلا لشيء قد سمعه، أو رآه فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فلما تشاغل الناس انصرف فجلس على دابته، ثم ذهب. قال: ثم جاء فارسان حتى أتيا الأحنف وأصحابه فنزلا فأتياه فأكبَّا عليه. فناجاه ساعه ثم انصرفا، ثم جاء عمرو بن جرموز إلى الأحنف فقال: أدركته في وادي السباع فقتلته. فكان قُرَّة يقول: والذي نفسي بيده إنَّ صاحب الزبير لَلأحنف.