للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غير الطبري: كان الزبير قد انصرف عن القتال نادما مفارقا للجماعة التي خرج فيها منصرفا إلى المدينة. فرآه ابن جرموز فقال: أتى يؤرِِّش بين الناس، ثم تركهم، والله لا تركته. ثم تبعه، فلما لحق بالزبير ورأى أنه يريده أقبل عليه، فقال له ابن جرموز أذكِّرك الله. فكفَّ عنه الزبير حتى فعل ذلك مرارا. فقال الزبير: قاتله الله، يذكِّرنا الله وينساه. ثم غافصه، ابن جرموز فقتله، وذلك يوم الخميس في جمادى الأولى لعشر خلون منه، وهو ابن أربع وستين سنة، هذا قول الواقديّ. وقال أبو اليقظان قُتِل وهو ابن ستين سنة.

وقيل: إن عمرو بن جرموز لما قتل الزبير أتى بلبسه إلى عليٍّ واستأذن عليه، فلم يأذن له. وقال: بشِّروه بالنار. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بشِّروا قاتل ابن صفية بالنار ". وكيف لا يُبشَّر بالنار من قتل حواريَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدرا؟ لقد جاء شيئا نُكرا، وباء بإثم عظيم لقتل حواريٍّ كريم.

وقال ابن جرموز حين استأذن على علي رضي الله عنه فلم يأذن له وبشَّره بالنار:

أتَيتُ عليّاً برأسِ الزُّبيْرِ ... أرجو لديهِ بهِ الزُّلفَةْ

فبشَّرَ بالنار إذْ جئتُهُ ... فبئسَ البِشارةُ والتُّحْفَةْ

وسيانِ عندي قَتلُ الزُّبِيرِ ... وضرطةُ عَيْرٍ بذي الجِحْفَةْ

وتزوَّج الزبير بمكة أسماء بنت أبي بكر الصدِّيق، وهي أسنُّ من عائشة، وهي ذات النطاقين. وسميت بذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة نسيت أن تشُدَّ سِفرة الزاد بشيء، فقطعت نطاقها نصفين، فشدَّت

<<  <  ج: ص:  >  >>