وهو أخو عثمان بن طلحة الذي دفع إليه النبيُّ عليه السلام مفتاح الكعبة في فتح مكة.
وصفية هي أمَّ طلحة الطَّلحات بن عبد الله بن خلف، وهو الجوادُ الذي رثاه ابن قيس الرُّقَيَّات، وقد تقدَّم ذكره وذكر أبيه وعمِّ سليمان في بني مُليح من خُزاعة.
وكان قتلى الجمل حول الجمل؛ نصفُهم من أصحاب عليٍّ ونصفهم من أصحاب عائشة: من الأزد ألفان ومن سائر اليمن خمسمئة، ومن مضر ألفان: خمسمئة من قيس وخمسمئة من تميم وألف من بني ضبَّة، وخمسمئة من بكر بن وائل. وقُتلمن بني عديِّ الرِّباب يومئذ سبعون شيخا، كلهم قد قرأ القرآن سوى الشباب، ومن يقرأ القرآن.
وقالت عائشة: مازلتُ أرجو النَّصر حتى خُفيت أصوات بني عديٍّ. وصلى عليٌّ على قتلاهم من أهل البصرة، وعلى قتلاهم من أهل الكوفة، وصلى على قريش من هؤلاء وهؤلاء. وكانوا مدنيين وكوفيين ومكيين. وجمع ما كان في العسكر من شيء، ثم بعث به إلى مسجد البصرة؛ أن من عرف شيئا فليأخذه، إلا سلاحا كان في الخزائن عليه سمة السلطان، فإنه لما بقي لم يُعرف قال لأصحابه: خُذوا ما أجْلَبوا به عليكم من مال الله. ولا يحلُّ للمسلم من مال المسلم المتوفيَّ شيء، وإنما كان ذلك السلاح في أيديهم من غير تنفُّل من سلطان.
ودخل عليٌّ البصرة يوم الاثنين، فانتهى إلى المسجد، فصلى فيه، ثم دخل البصرة فأتاه الناس، ثم راح إلى عائشة على بغلته. فلما انتهى إلى دار عبد الله بن خلف، وهي أعظم دار بالبصرة وجد النساء يبكين على عبد الله وسليمان ابني خلف مع عائشة وصفية بنة الحارث زوج عبد الله بن خلف أمِّ طلحة الطَّلحات، مُختَمِرة تبكي. فلما رأته قالت: يا عليُّ يا قاتل الأحبَّة، يا مفرِّق الجمع، أيْتَمَ الله بَنيك منك كما أيتمت ولد عبد الله منه. فلم يردَّ عليها. ولم يزل على حاله حتى دخل على عائشة، فسلم عليها وقعد عندها وقال: جَبَهتنا صفية، وقال: أمَّا إني لم أرها منذ كانت جارية حتى اليوم. فلما خرج عليٌّ أقبلت عليه فأعادت الكلام، فكفَّ بغلتَّه فقال: ألا لَهَمَمْتُ. وأشار إلى أبواب من الدار، أن أفتح هذا الباب