للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: يا ابن أخي ما بها رغبة، ولكنها امرأة لا يُفتاتُ عليها أمرها، فاخطِبها إلى نفسها. فقام إليَّ. فقلت: ما صنعت؟ قال: كذا وكذا. قلت: ارجع بنا ولا تخطبها. قال: اذهب بنا إليها. فدخلنا دار زُرارة وفيها مقاصيرُ، فاستأذنَّا على أمِّها، فلقيَتْنا بمثل كلام الشيخ. ثم قلت: وهاهي في تلك الحجرة. قلت له: لا تأتِها. قال: أو لست بِكراً؟ قلت: بلى. قال: ادخل بنا إليها. فاستأذنَّا فأذنَ لنا، فوجدناها جالسةً وعليها ثوبٌ رقيقٌ مُعيَّر منه سَراويلُهُ، يُرى منه بياض جسدها كلِّه ومِرْطٌ قد جمعته على فخذيها ومصحف على كرسيٍّ بين يديها، فأشْرجت المصحف ثم نحَّته. فسلَّمنا فرحَّبتْ ثم قالت: من أنت؟ قال: عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف خال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدَّ بها صوته. فقالت له: " يا هذا " لسنا بساسين، إنما يُمدُّ الصوت للساسين، قال موسى: فدَخل بعضي في بعض. ثم قالت: ما " حاجتُك؟ قال: " جئتُ خاطباً. قالت: ومن ذكرت؟ قال: ذكرتُك. قالت: مرحباً بك يا أخا أهل الحجاز؟ فما الذي ... " قال ": سهمان بخيبر أعطانا هما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدَّ بها صوته، وعينٌ بمصر، وعبنٌ باليمامة، ومال باليمن. قالت: يا هذا، كلُّ هذا عنّا غائب. ولكن ما الذي يحصل بأيدينا، فإني أظنُّك أردت أن تجعلني كشاة عكرمة، أتدري من عكرمة؟ قلت: لا. قالت: عكرمة بن ربعيٍّ، فإنه كان قد نشأ بالسَّواد. ثم انتقل إلى البصرة وقد تغذَّى باللبن، فقال لزوجته: اشتري لنا شاةً نحتلبها وتصنعين لنا من لبنها شراباً وكامخاً. ففعلت وكانت عندهم الشاةُ إلى أن استحرمت فقالت: يا جارية خُذي بأذن الشاة وانطلقي بها إلى التيَّاس فانْزِي عليها، ففعلت. فقال التيَّاس: درهم. فانصرفت إلى سيدتها فأعلمتها فقالت: إنما رأينا من يدحمُ ويعطى، فأما من يَدحم ويأخذ فلم نره. ولكن يا أخا أهل المدينة أردت أن تجعلني كشاة عكرمة. فلما خرجنا قلتُ له: ما كان أغناك عن هذا. " قال: ما كنت أظنُّ " أن امرأةً تجترئ على مثل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>