وأمَّره عمر بن الخطاب على الكوفة، فشكاه أهلها ورموه بالباطل. فدعا على الذي واجهه بالكذب عليه دعوة ظهرت فيه إجابتها. والخبر مشهر. ثم عزله عمر من الكوفة، ثم أراد أن يُعيده عليها، فأبى عليه وقال: تأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن أن أصلِّي؟ فلما طُعن عمر وجعله أحد الشورى قال: إن وليها سعد فذلك، وإلا فليستعن به الوالي. فإني لم أعزله عن عجز ولا جبانة. ورامه ابنه عمر بن سعد أن يدعُو إلى نفسه بعد قتل عثمان فأبى.
مسلم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعباس بن عبد العظيم، واللفظ إسحاق. قال: نا، وقال إسحاق: أنا أبو بكر الحنفيُّ قال: نا بُكير بن مسمار قال: حدثني عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص في إبله فجاءه ابنه عمر. فلما رآه سعد قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب. فنزل فقال له: أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون المُلك بينهم؟ فضرب سعد في صدره، فقال: اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يحبُّ العبد التقيَّ الغنيَّ الخفيَّ.
وكذلك رامه أيضا ابن أخيه هاشم بن عتبة أن يدعو إلى نفسه فلما أبى عليه صار هاشم إلى علي رحمه الله. وكان سعد ممَّن قعد ولزم بيته في الفتنة، وأمر أهله ألاَّ يُخبروه من أخبار الناس بشيء حتى تجتمع الأمة على إمام.
وتُوفي بالمدينة سنة خمس وخمسين في قصره بالعقيق وبين العقيق والمدينة " سبعة أميال "، وحُمل على رقاب الناس، ودُفن بالبقيع، وهو آخر العشرة موتا. وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة لمعاوية، وبلغ من السِّنِّ بضعا وثمانين سنة. ذكر ذلك أبو زُرعة عبيد الله بن عبد الكريم عن أحمد ابن حنبل. وكان يقول أسلمت وأنا ابن تسع عشرة سنة.