الله صلى الله عليه وسلم حين هرب يوم الفتح وذهب إليه، وهو يريد أن يركب البحر برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ببرده، فانصرف معه، فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وناداه في جماعة الناس: يا محمد، إنَّ هذا وهب بن عُمير يزعم أنك أمَّنتني على أسير شهرين. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أَنزِلْ أبا وهب ". فقال: لا، حتى تُبين لي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أَنزِل، فلك تسييرُ أربعة أشهر ".
وخرج معه إلى حُنين، فاستعاره رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحاً، فقال: طوعاً أو كرها؟ فقال:" بل طوعا عاريَّةً مضمونةً "، فأَعاره. وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأكثر. فقال صفوان: أَشهد بالله ما طابت بهذا نفس إلا نفس نبيٍّ فأَسلم وأقام بمكة. ثم إنه قيل له: من لم يهاجر هلك، ولا إسلام لمن لا هجرة له. فقدم المدينة مُهاجراً، فنزل على العباس بن عبد المطلب، وذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:" لا هجرة بعد الفتح ". ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينصرف إلى مكة، فانصرف إليها، فأقام بها حتى مات. وفي الموطأ في كتاب الحدود: مالك عن ابن شهاب، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أنَّ صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية المدينة فنام في المسجد، وتوسَّد رداءه. فجاء سارق فأخذ رداءه. فأَخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُقطع يده. فقال صفوان: إني لم أُرِدْ هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" فهل لا قبل أن تأتيني به؟ ". وكان صفوان بن أمية أحد أشراف قريش في الجاهلية. وكان جواداً مُطعماً. وكان يقال له:" سدادُ البطحاء ". وهو أحد المؤلفة قلوبهم، وممَّن حسُن إسلامه منهم. وكان أفصح قريش لساناً. ويقال إنه لم يجتمع لقومٍ أن يكون مهم مُطعمون خمسة إلا لعمرو بن عبد الله بن صفوان