لقد أوجد المحدثون نظاماً للمحافظة على الكتب، بحيث يتعذر التلاعب بها، فكل من رغب في الاستفادة من كتاب أو روايته كان عليه أن يحصل على حق الرواية بسماعه أو عرضه على المؤلف أو من روى عن المؤلف وهلم جراً.
فالمحدثون في زماننا هذا حتى الآن يستطيعون أن يذكروا أسانيدهم
للكتب التي يروونها إما سماعاً أو عرضاً أو إجازة.
بسبب هذا المنهج يتمكن الباحث من رسم شجرة لانتشار الكتب في العالم. وليس معنى هذا أن انتشار الكتب كانت محصورة في أسماء تلك الشجرة، بل كان الانتشار أضعافاً كثيرة، كما يظهر لكل من يدرس الطباق، الموجود في كثير من المخطوطات.
على كل إذا نظرنا إلى أشهر كتاب ألفه عالم من علماء المسلمين فهو صحيح البخاري، وإذا رسمنا شجرة الرواة نجد أن الكتاب اشتهر عن طريق الفربري،
مع أن هناك عدة روايات قد اندثرت. وكذلك صحيح مسلم فقد انتشر الكتاب عن طريق تلميذين له، وهكذا بقية الكتب الستة. أما الموطأ فقد انتشر في حياة مالك رحمه الله ووصل من أفغانستان إلى الأندلس، وقد رواه ما يقارب مائة شخص، وقد مات من هؤلاء الرواة بعضهم قبل وفاة الإمام مالك بعشرين سنة تقريباً.