قال ابن وهب: كنت أنا آتي مالكاً وهو شاب قوي يأخذ كتابي فيقرأ منه، وربما وجد فيه الخطأ فيأخذ خرقةً بين يديه فيبلها في الماء فيمحوه، ويكتب لي الصواب.
[المراسلة مع مالك]
كان الناس يكتبون من الآفاق، ويستفتونه، فكان يرد عليهم، وإن تعذر فكان يعطي الكتاب لبعض أصحابه ليرد عليهم.
«قال إسحاق بن عيسى الطباع، قال: كتب إليّ مالك بن أنس جواب كتابي إليه: بلغني كتابك تذكر حديثاً سقط عليك، تسألني عنه، حديث عبد الله بن عمر، وتسأل أن أكتب به إليك، وما أحبّ إلّا حفظك وقضاء حاجتك، وإرشادك إلى كل خير، فإنك ممن أحب حفظه من إخواني وبقاء الود بيني وبينه، وأرجو وفاءه واستقامة مودته، وذلك حديث قد عرفته، حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر، أن عبد الله بن عمر بال وهو بالسوق، ثم توضأ وغسل وجهه ويديه ومسح رأسه، ثم رجع إلى المسجد فدعي إلى جنازة ليصلي عليها فدعا بماء فمسح على خفيه، ثم صلى على الجنازة.
قال إسحاق: ثم لقيت مالكاً بعد فسألته عن الحديث فحدثني به كما كتب به إليّ، وكان نقش خاتمه حسبي الله ونعم الوكيل».
ذكرت هذه النصوص لأوضح موقف مالك من الكتابة، فتبين أنه كان يكتب. وكتب شيئاً كثيراً حتى قيل إنه كتب مائة ألف حديث أو نحواً من عشرة آلاف حديث.
وكان الطلاب يكتبون في مجلسه، وأحياناً يطلب كتب الطلاب فيقرأ ويصحح بنفسه.
وكان الناس يراسلونه من الآفاق ويرشدهم ويوضح لهم، ويفتيهم.