قال ابن بكير:«لما عرضنا الموطأ على مالك، قال له رجل من أهل المغرب: يا أبا عبد الله: أُحدِّث بهذا عنك؟
فقال: نعم.
قال: وأقول: حدثني مالك؟
قال: نعم. أما رأيتني فرغت نفسي لكم، وتسمعت إلى عرضكم، وأقمت سقطه وزلله، فمن حدثكم غيري؟ نعم حدِّث بها عني، وقل: حدثني مالك».
فهذا النص يدل على يقظة الإمام يقظة تامة حيث يقول: إذا أخطأ القارئ «أقمت سقطه وزلله».
وقال الواقدي:«وكان حبيب إذا أخطأ فتح عليه مالك، وكان ذلك قليلاً».
هذا وصف موجز لمجلس مالك رحمه الله في تدريس الحديث.
[عقوبة الاستزادة]
كان الإمام مالك رحمه الله صارماً في منهجه، فإذا استفسر أحد عن حديث وهو قائم أو ماشٍ فإن جزاءه إما التأنيب الشديد، أو الطرد أو الحبس.
قال ابن مهدي: «مشيت مع مالك يوماً إلى العقيق من المسجد فسألته عن حديث فانتهرني، وفي رواية فالتفت إليّ وقال لي: كنتَ في عيني أجل من هذا، أتسألني عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي؟
فقلت: إنا لله ما أراني إلا وقد سقطت من عينه، فلما قعد في مجلسه بعدت منه، فقال: ادنُ ها هنا، فدنوت، فقال: قد ظننت إنا أدبناك، تسألني عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمشي؟ سل عما تريد ها هنا.