فالتأليف والكتابة ليست غريبة بالنسبة للإمام مالك رحمه الله، لكن السؤال الذي يطرح ما الذي دفع الإمام مالكاً إلى وضع كتابه الموطأ، ومتى كان ذلك؟
هل أتته الفكرة، لأنه كان يرغب أن يستمر ثواب علمه الطيب، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثةٍ: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
أو أنه رأى غيره يصنع شيئاً فأراد أن يصنع شيئاً أحسن وأتقن مما عمل.
أو طلب منه أحد أن يؤلف كتاباً في العلم؟.
الآثار العديدة تشير إلى أنه كان بطلب من الآخرين، فإذا كان الأمر كذلك فمن يكون ذاك؟ ومتى طلب منه؟ ومتى أنجز عمله؟
يحتار المرء في الجواب عن هذه الأسئلة، وليس هناك بحث شافٍ في الموضوع، وربما لن يكون لأننا لا نملك نصاً صريحاً واضحاً إلا بعض الاستنتاجات من النصوص المبثوثة، والباحثون يختلفون في هذا المجال.
سأذكر بالإجمال هذه الأقاويل مع بيان ما أذهب إليه في هذا المجال.
[بواعث التأليف]
بمراجعة الانتقاء لابن عبد البر، وترتيب المدارك للقاضي عياض، وكشف المغطى لابن عساكر، وكتب أخرى نرى أنها تشير إلى بواعث مختلفة.
١ - فبعضهم يقول: إن الإمام مالك قام بتأليف الموطأ بطلب من الخليفة المهدي بن المنصور.
٢ - والبعض الآخر يقول: إنه كان بناءً على طلب وتوجيه من الخليفة أبي جعفر المنصور.
٣ - والبعض الآخر يقول: إنه كان من تلقاء نفسه عندما اطلع على عمل ابن ماجشون.