المجلس، وفي الدروس، والتعظيم الكبير لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يجوز عنده الرواية بالمعنى في الأحاديث النبوية، وأنه يضبط تماماً، ويفرق بين الياء والتاء مثل: يقول أو تقول كما مر بنا من قبل.
إذا كان هذا طبعه فلا يمكن أن يسمح في دروسه بقراءة سريعة لا يتمكن الطلاب فيها من الكتابة: فقول الشيخ «فهم يكتبون ما سمعوه من الحديث، ومما أثبته مالك، ويزيد بعضهم على بعض بمقدار تمكنهم من سماع القارئ، وبمقدار تفاوتهم في سرعة الكتابة»، لو كان الأمر هكذا لأثر هذا المنهج في النص بكامله، ولا تكون ثمرته نقص حديث أو زيادة حديث، فالذي لا يسمع جيداً، أو لا يكتب بالسرعة المطلوبة، فهو لا يتابع المملي أو الشيخ في الكتابة، بل يسقط جملة هنا وجملة هناك، ولا يسقط عشرة أحاديث أو عشرين حديثاً في الكتاب كله. بل هذا النوع من الاختلاف في مختلف الروايات من زيادة أحاديث أو نقصانها راجع إلى الإمام مالك نفسه لتحسين الكتاب وتغييره وتبديله.
والنص الذي نقله الشيخ حول وصف الشافعي لمجلس الإمام مالك نص ممتع جداً ويؤيد ما أقول. ولعلنا رأينا في هذا أن الإمام الشافعي قرأ الموطأ في ثمانية أشهر، إذن تكون قراءته بمعدل صفحتين من الكتاب المطبوع. واستنساخ صفحتين من حجم الكتاب المطبوع لا يستغرق نصف ساعة، وعلى هذا لم يكن متعذراً كتابة ما يقرأ في مجلس الإمام مالك. والله أعلم.
علاوة على ذلك كان الطلبة يقابلون ويعارضون كتبهم بنسخ صحيحة بعد القراءة.
[توجيه الأعظمي للمسألة]
وعندي توجيه آخر لهذه المسألة. في انتساخي للموطأ برواية ابن القاسم - الجزء الموجود منه - وجدت في عدة أماكن تعبير:«وسألت مالكاً»، ثم استخرجت تلك النصوص من الموطأ برواية يحيى الليثي، وبرواية ابن بكير، وكذلك برواية أبي مصعب الزهري.