تقريباً، من هذا الحديث دليل على عدم وجوده إلى تلك الفترة. وبالتالي لا يمكن أن يكون هذا الحديث جزءاً من الموطأ إلى منتصف القرن الثالث الهجري.
إذن متى وأين وضع حديث الهرة الموجود في نسخة الموطأ المتداولة الآن في أيدينا؟.
في رأي كلدر: المناخ المناسب لهذا هو أسبانيا - لأن يحيى الليثي كان في أسبانيا - هذا من ناحية المكان. أما من ناحية الزمان فيكون سنة ٢٧٠ هـ تقريباً وقتاً مناسباً لظهور حديث الهرة. وذلك عندما تعاون ابن وضاح القرطبي المتوفى سنة ٢٨٦ هـ، وبقي بن مخلد المتوفى سنة ٢٧٦ هـ مع مساندة الدولة لإحلال الحديث النبوي وإعطائه السلطة التشريعية فوق «الرأي» الذي كان مهيمناً في المدارس الفقهية القديمة.
[الملاحظات العامة على منهج نورمان كلدر]
لا يفرق نورمان كلدر بين طبيعة كتابين، الموطأ، والمدونة.
المدونة كتاب فقهي للمالكية.
بينما الموطأ خليط بالأحاديث النبوية، وفتاوى فقهاء من الصحابة والتابعين، ثم آراء مالك، لذلك فالموطأ لكافة المسلمين ما عدا آراء الإمام مالك فقد يقبلها غير المالكية، وقد لا يقبلونها، وعامة المسلمين من غير الباحثين - من غير المالكيين - ليس لهم شأن يذكر بالنسبة للمدونة.
بينما المدونة هو مصدر حيوي لحل المشاكل اليومية في الحياة للمالكيين، وهدفه جمع آراء الفقهاء المالكيين لهذا الغرض، ويتبين من هذا أن طبيعة الكتابين مختلفة.