فقال: جئني بما كتبت عنه، فأتيته به، فدعا بقرطاس ودواة فجعلت أملي عليه وهو يكتب.
قال أبو محمد: ما كتب أبو حنيفة عن إبراهيم بن طهمان عن مالك بن أنس، ومالك بن أنس حي إلا وقد رضيه ووثقه».
لقد أنكر الكوثري هذا النص - مع سكوته على سنده لأنه لا مجال للطعن فيه - بناء على «الحقائق التاريخية» عنده بأن الموطأ لم يؤلف إلا بعد وفاة أبي حنيفة.
ولكن ما المانع أن يكون نهاية تأليف الموطأ في بداية الأربعينيات، كما سنراه قريباً إن شاء الله تعالى؟.
ولو سلمنا جدلاً أن الكتاب لم ينته من تأليفه إلا في سنة ١٥٩ هـ حتى في هذه الحالة ليس هناك ما يمنع من قبول النص الوارد في الجرح والتعديل. لأن إبراهيم بن طهمان لم يقل إنه جاء بالموطأ، بل جاء بما كتبه عنه. والإمام مالك كان يدرّس قبل وفاة أبي حنيفة بنحو ثلاثين سنة تقريباً، وفي هذه الفترة كان الطلاب يكتبون الأحاديث والفتاوى عن الإمام مالك، فأي مانع من أن يكون إبراهيم بن طهمان كتب عن مالك، وأبو حنيفة كتب عن إبراهيم بن طهمان عن مالك.
إذن فكل همّ الشيخ الكوثري كان إبعاد تاريخ التأليف حتى لا تصل رائحة الكتاب إلى أبي حنيفة. فعلق ما علق، ثم سبّب الأخطاء عند كل من جاء بعده من الباحثين واعتمد على كلامه.