في ضوء هذه الملاحظات يصعب على المرء أن يقبل ما ذكره سلمة بن شبيب في شأن إسماعيل، فأجزم أنه قد وقع خطأ ما، لأن الأمر غير طبيعي.
أما إعراض النسائي رحمه الله عنه، فعندما سمع شيئاً أراد أن يحتاط لنفسه، فترك الرواية عنه. وقد روى عنه بقية الأئمة مباشرة أو بواسطة، وهؤلاء الجماعة ليسوا أقل تيقظاً من النسائي رحمهم الله جميعاً.
وعلى هذا أرى أن نسبة هذا القول إلى إسماعيل بن أبي أويس بأنه اعترف بوضع الحديث كلام غير مقبول.
٢ - القول بأن المحدثين خففوا من وقع هذه التهمة، وذكروه في عبارة قصيرة مبهمة، بناء على ما ذكره ابن حجر في هدي الساري فهو كلام غير صحيح، لأن ابن حجر نفسه في كتابه تهذيب التهذيب يكتب مفصلاً في هذا الموضوع،
بل ينقل نصوصاً أخرى زيادة على ما جاء في محادثة النسائي. فمثلاً يقول: قال الدولابي في الضعفاء: سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول: ابن أبي أويس كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب.
وقال أبو الفتح الأزدي حدثني سيف بن محمد: ابن أبي أويس كان يضع الحديث ثم ذكر حكاية سلمة بن شبيب بالتفصيل.
إذن اتهام المحدثين بأنهم حاولوا الإخفاء والتستر في ظل عبارة قصيرة مبهمة كلام يخالفه الواقع.
أما المزي رحمه الله فلم يذكر في ترجمته في تهذيب الكمال هذه الواقعة، ومن المعلوم لطلبة العلم أن المزي لم يكن مالكياً حتى يتهم بالتستر، وقد أشار إلى الاتهام، ولم يذكره بالتفصيل، وربما لعدم صحته عنده.