وحتى لو لم يكن هناك تعريض بابن سحنون، فكلام ابن عبدوس في محله، لأن هناك عشرات الأقوال في اسم أبي هريرة، والأمة الإسلامية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى الآن تذكره باسم أبي هريرة، وما دام الناس اختلفوا في اسمه اختلافاً كبيراً فيتعذر الوصول إلى الحقيقة، ومنزلة أبي هريرة عند المسلمين هو في ذاته، وأنه من كبار الصحابة في مجال العلم، وراوٍ لأكبر عدد من الأحاديث النبوية، فأياً كان اسمه لا يؤثر في مروياته بشيء. لذلك فإن معرفة اسمه أو عدم معرفته سيان.
المسألة الثانية:
ذكر موراني نقلاً عن أبي العرب أن ابن سحنون كان عالماً بالآثار، ثم وضح موراني كلام أبي العرب قائلاً:«أي أنه عارف بمرويات الصحابة، وقد أثنى عليه أيضاً بفضل ما نسب إليه من علم الرجال. أما المناظرة حول الفقه والأثر التي دارت على الملأ في جامع القيروان الكبير لم تكن إلا نقاشاً من حيث مبادئ فقهية. لأن الفقرات الفقهية التي يرويها ابن أبي زيد بتوسع في مؤلفه عن ابن سحنون ليست إلا تعاليم متركزةً على الرأي مهملاً في ذلك الحديث كمصدر أساسي في التشريع».
يمكننا أن نستخرج من هذا النص النقاط التالية للمناقشة:
١ - ابن سحنون كان عالماً بالآثار يعني بمرويات الصحابة، وكانت لديه معرفة بعلم الرجال.
٢ - المناقشة أو بالأحرى المناظرة التي جرت بين الأخذ بالأثر أو الأخذ بالرأي، فقد مال ابن سحنون إلى الأخذ بالرأي.
٣ - ومفهوم الأخذ بالرأي هو إنكار الأحاديث النبوية كمصدر أساسي للتشريع عند محمد بن سحنون، مستدلاً بفتاواه الفقهية أو بالفقرات الفقهية المنقولة عنه في كتاب ابن أبي زيد.
إذا كان محمد بن سحنون عالماً وحافظاً للآثار، وقد كان يتعرض لابن عبدوس على عدم معرفته بالآثار فيستغرب أن يكون هو الآخر يهمل الحديث كمصدر أساسي