في مكتبة القيروان أو بالأحرى مركز رقادة وجدت كل ترحيب من القائمين عليه وأخص بالذكر الأخ الدكتور مراد رماح، والأخ بلقاسم، فقدموا لي كافة التسهيلات، ويشتمل هذا المركز على أوراق وأجزاء من المخطوطات النادرة، لكنها لا تملك مخطوطة جيدة كاملة أو شبه كاملة من موطأ مالك برواية يحيى بن يحيى الليثي.
ولقد زرت لهذا الغرض المملكة المغربية مرتين، ووجدت كل تعاون وترحيب من كل من معالي وزير الثقافة الدكتور السيد عبد الكبير العلوي المدغري والأخ الأستاذ الدكتور محمد بنشريفه - الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية، وكان محافظاً للخزانة الوطنية بالرباط. فقد ساعدني شخصياً، وطلب من الباحثين المتخصصين البحث عن أحسن المخطوطات للموطأ.
كان اختيارهم للمخطوطتين، مخطوطة كتبها شريح بن محمد بن شريح الرعيني لابنه، وشريح هذا فقيه، مقرئ، محدث، نحوي، أديب، علم من أعلام البيان، كتب هذه المخطوطة لابنه في بداية القرن السادس، وقرئ عليه سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.
هذه المخطوطة كانت مرتعاً خصباً للأرضة، فتحولت المخطوطة إلى شبكة من الأنهار، وخاصة الهوامش منها، ولا يخلو موضع من الكتاب من الاعتداء عليه. وللمحافظة على هذه المخطوطة وضعت كل ورقة منها في ظرف بلاستيكي، مع تفريغ الهواء، ونظراً للحرارة تحول البلاستيك إلى مادة صفراء قائمة مع تقوسات، فليست هناك ورقة مستقيمة، وإلى الله المشتكى، ولهذا السبب لم أتمكن من الاستفادة منها كما كنت أتمنى.
أما المخطوطة الثانية فهي من أنفس المخطوطات، كتبت في سنة ٦١٣ هـ على رق الغزال بخط دقيق، تمتاز هذه المخطوطة على أنها تذكر فروق الروايات لعشرات النسخ من أول الكتاب إلى آخره.