فقال له: أقرئه السلام، وقل له: إن العلم يزار ولا يزور، وإن العلم يؤتى ولا يأتي،
فأتاه البرمكي فأخبره، وكان عنده أبو يوسف القاضي فقال: يا أمير المؤمنين، يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك بن أنس في أمر فخالفك أعزم عليه، فبينا هو كذلك، إذ دخل مالك بن أنس فسلم وجلس،
فقال: يا ابن أبي عامر: أبعث إليك فتخالفني؟!
فقال مالك: يا أمير المؤمنين أخبرني الزهري، وذكره عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه رضي الله عنه قال:
كنت أكتب الوحي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت:{لا يستوي القاعدون من المؤمنين}[النساء: ٩٥] قال: وابن أم مكتوم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير، وقد أنزل الله عز وجل في فضل الجهاد ما قد علمت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا أدري». وقلمي رطب ما جفّ حتى وقع فخذ النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي، ثم أغمي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جلس صلى الله عليه وسلم، فقال: يا زيد اكتب: {غير أولي الضرر}[النساء: ٩٥].
ويا أمير المؤمنين حرف واحد بعث فيه جبريل، والملائكة من مسيرة خمسين ألف عام، ألا ينبغي لي أن أعزه وأجلّه، وإن الله تبارك وتعالى رفعك وجعلك في هذا الموضع بعلمك، فلا تكن أنت أول من يضع عِزّ العلم فيضعُ الله عِزَّك.
قال: فقام الرشيد فمشى مع مالك إلى منزله يسمع منه الموطأ، وأجلسه معه على المنصة، فلما أراد أن يقرأه على مالك قال: تقرأه عليَّ؟