قال: أجدني مستبشراً بصحبة أولياء الله، وهم أهل العلم، وليس شيء أعزّ على الله بعد أنبيائه منهم، ومستبشراً بطلبي هذا الأمر، لأن كل عمل فرضه الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم فقد بشر بثوابه رسوله، فقال: من لزم الصلاة، وحافظ عليها فله كذا وكذا، ومن حجّ بيت الله حجة مبرورة فله عند الله كذا وكذا، ومن جاهد في سبيل الله يريد ما عند الله فله عند الله كذا وكذا، كل هذا قد عرفه من ألهمه الله هذا الأمر إلا طالب هذا الأمر ومعلمه فلم يبلغ علم عالم أن يعلم ما لطالب هذا الأمر عند الله من الكرامة والثواب.
والله لأحدثنكم بحديث حدثني به ربيعة ما حدثتكم به إلى وقتي هذا يقول: والله الذي لا إله إلا هو لرجل يعطى في صلاته فلا يدري كيف يرفعها فيأتيني مستفتياً فأفتيه فيها بالعلم فأحمله على الصواب خير من أن تكون لي الدنيا كافة منها في الآخرة.
ولأحدثنكم بحديث ما حدثتكم به إلى وقتي هذا. والله الذي لا إله إلا هو لست أقول باباً من العلم، ولكني أقول لكم لشيء من العلم أسمعه من العالم فيتشابه عليّ بعضه فأقول في نفسي قال لي كذا وكذا فأذكره وقد أخذت مضجعي فأبيت متفكراً فيه حتى أصبح، وإذا أصبحت أتيته فسألته عنه، فلهمتي به خير من مائة حجة مبرورة.
وسمعت ابن شهاب غير مرة يقول: والله الذي لا إله إلا هو لرجل يستفتيني عن شيء من دينه فلا أسرع له بالجواب حتى ابتغي نفسي من أحمله على السنة أحب إليّ من مائة غزوة أغزوها في سبيل الله، فقلت: لكل واحد منهما حين حدثني حديثه، هذا لكم، فما للطالب؟
فكل قال لي: هيهات هيهات، انقطع العلم، نسأل الله التوفيق لنا ولكم.
قال يحيى: هذا آخر حديث سمعته من مالك رحمه الله «قوبل، وعليه