للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرْسُ بِالوَادِي وَصَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ (١). فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «أَنْتَ أَعْلَمُنَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْفَظُنَا لِحَدِيثِهِ» (٢).

وقد شهد له إخوانه أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكثرة سماعه وأخذه عن رسول الله. وهذه الشهادات تدفع كل ريب أو ظن حول كثرة حديثه، حتى إنَّ بعض الصحابة رَوَوْا عنه لأنه سمع من النبي الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسمعوا. من هذا أنَّ رجلاً جَاءَ إِلَى طَلْحَةَ (٣) بْنُ عُبَيْدِ اللهِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتُكَ هَذَا اليَمَانِيَّ - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ - أَهُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ مِنْكُم؟ نَسْمَعُ مِنْهُ أَشْيَاءَ لاَ نَسْمَعُهَا مِنْكُم؟ قَالَ: «أَمَّا أَنْ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ نَسْمَعْ فَلاَ أَشُكُّ، سَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ: إِنَّا كُنَّا أَهْلَ بُيُوْتَاتٍ وَغَنَمٍ وَعَمَلٍ، كُنَّا نَأْتِي رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَفَي النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِيْناً ضَيْفاً عَلَى بَابِ رَسُوْلِ اللهِ، يَدُهُ مَعَ يَدِهِ، فَلاَ نَشُكُّ أَنَّهُ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَلاَ تَجِدُ أَحَداً فِيْهِ خَيْرٌ يَقُوْلُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ مَا لَمْ يَقُلْ» (٤). وقال في رواية: «قَدْ سَمِعْنَا كَمَا سَمِعَ، وَلَكِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِينَا» (٥).

وَرَوَى أَشْعَثُ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ (الأَنْصَارِي) يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَإِنِّي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي مَا لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ -» (٦).


(١) " البداية والنهاية ": ص ١٠٧، جـ ٨. و " طبقات ابن سعد: ٢: ٢/ ١١٨.
(٢) المراجع السابقة: ورَوَى نحو قول ابن عمر هذا الترمذي ونصه: «كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْرَفَنَا بِحَدِيثِهِ». وقال الترمذي: حسن. راجع " فتح الباري ": ص ٢٢٥، جـ ١.
(٣) في " سير أعلام النبلاء «طليحة» والصواب طلحة كما في " فتح الباري ": ص ٢٢٥، جـ ١.
(٤) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٦، جـ ٢. و " البداية والنهاية ": ص ١٠٩، جـ ٨.
(٥) " فتح الباري ": ص ٧٧، جـ ٨.
(٦) " البداية والنهاية ": ص ١٠٩، جـ ٨. و " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٦، جـ ٢.

<<  <   >  >>