للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرب صلعته مراراً!! وقال: " يا أهل العراق .. أتزعمون أني أكذب على الله ورسوله (١) وأحرق نفسي بالنار؟ والله لقد سمعت رسول الله يقول: " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَرَمًا وَإِنَّ الْمَدِينَةُ حَرَمِي فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ". قال: (واشهد بالله أنَّ عَلِياً أَحْدَثَ فيها!! فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاَّهُ إمارة المدينة» [صفحة: ٣٨ - ٣٩].

وروى في هامش ص ٣٩: «عن سفيان الثورى عن عبد الرحمن بن قاسم عن عمر بن عبد الغفار: أنَّ أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كِنْدَةَ، ويجلس الناس إليه فجاءه شاب من الكوفة ـ لعلَّه الأصبغ بن نباتة ـ فجلس إليه فقال: يا أبا هريرة .. أنشدك بالله أسمعت رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - يقول لعلي بن أبي طالب: اللهم وَالِ من والاه وعَادِ من عاداه؟ فقال: اللهم نعم. قال: فأشهد بالله لقد واليت عَدُوَّهُ وعاديت وَلِيَّهُ ثم قام عنه وانصرف» (٢).

هذه أخبار مختلفة استشهد بها المؤلف ليدعم زعمه أنَّ أبا هريرة كان عميلاً للأمويِّين، وَضَّاعاً للحديث. إلاَّ أنَّ هذه الأخبار مردودة سنداً ومتناً.

أولاً: أما من حيث السند. فإنَّ ابن أبي الحديد صاحب " شرح نهج البلاغة " نقل هذه الأخبار عن شيخه محمد بن عبد الله أبو جعفر الإسكافي (- ٢٤٠ هـ) وهو من أئمة المعتزلة المتشيِّعين، والعداء مستحكم بين المعتزلة وأهل الحديث من أواخر القرن الأول الهجري وأصبح متوارثاً. وأترك التعريف بأبي جعفر وتزكيته لتلميذه ابن أبي الحديث فيقول: ذكر


(١) إنَّ صاحب كتاب " أضواء على السُنَّة " ساق هذه الروايات في ص ١٩٠ - ١٩١ وعلَّق في الهامش على هذا الخبر فقال: «يَدُلُّ هذا القول على أنَّ كذب أبي هريرة على النبي قد اشتهر حتى عَمَّ الآفاق لأنه قال ذلك وهو بالعراق وأنَّ الناس جميعاً كانوا يتحدَّثُون عن هذا الكذب في كل مكان» [هامش ص ١٩٠]. انظر إلى هذا المؤلف الذي أخذ عن أستاذه فبزَّهُ وتفوَّق عليه بالاستنتاجات الخيالية والأوهام الصورية. وكن له وقفة بين يدي الله تعالى.
(٢) يعلِّقُ صاحب " أضواء على السُنَّة " بعد هذا فيقول: «ثم قام عنه بعد أنْ صفعه هذه الصفعة الأليمة ... » إنه يريد أنْ ينتهز أيَّةَ فرصة ليصُبَّ غضبه على أبي هريرة لبغضه إيَّاهُ وحقده عليه.

<<  <   >  >>