شيخنا أبو جعفر الإسكافي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وكان من المُحقِّقين بموالاة عليٍّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - والمُبالغين في تفضيله وإنْ كان القول بالتفضيل عاماً شائعاً في البغداديِّين من أصحابنا كافة إلاَّ أنَّ أبا جعفر أشدُّهُمْ في ذلك قولاً، وأخلصهم فيه اعتقاداً» (١).
هذه شهادة تليمذ لأستاذه لا يرقى إليها الشك، ولا يعتريها الظن والتأويل، فالأستاذ من أهل الأهواء، الداعي إلى هواهُ، بل من المُتعصِّبين في ذلك، بشهادة أقرب الناس إليه وأعرفهم به. فإذا سبق لأمثاله أنْ كذَّبُوا الصحابة في الحديث بل في نقل القرآن فليس بعيداً أنْ يكذبوا على أبي هريرة ويفتروا عليه وعلى بعض الصحابة والتابعين.
فروايته مردودة لسببين:
الأول: ضعف الإسكافي لعاملين: الأول أنه معتزلي يناصب العداء لأهل الحديث، والثاني، أنه شيعي محترق. فقد اجتمع هذان العاملان فيه، ويكفي أحدهما لردِّ روايته. وبعد هذا لا يعقل أنْ تقبل الجرح والتعديل أو الرواية من رجل مطعون في عدالته، مشكوك في روايته يعادي أهل السُنَّة، فمن البداهة رفض روايته.
الثاني: لم تذكر هذه الروايات في مصدر موثوق بسند صحيح. علماً بأنَّ الإسكافي لم يذكر لها سنداً فلن أقول إنها موضوعة، بل يكفي إنها ضعيفة لا يُحْتَجُّ بها.
ثانياً: وأما من حيث المتن - فلم يثبت أنَّ معاوية حمل أحداً على الطعن في أمير المؤمنين عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه تطوَّع في ذلك، أو أخذ أجراً مقابل وضع الحديث، والصحابة جميعاً أسمى وأرفع من أنْ ينحطُّوا إلى هذا الحضيض، ومعاذ الله أنْ يفعل هذا إنسان صاحب رسول الله وسمع حديثه وزجره عن الكذب، وإنَّ جميع ما جاءنا من هذه الأخبار الباطلة، إنما كان عن طريق أهل الأهواء الداعين