للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أهوائهم المُتعصِّبين لمبادئهم، فتجرَّأوا على الحق، ولم يقيموا للصُحبة حرمتها، فتكلَّمُوا في خيار الصحابة واتَّهَمُوا بعضهم بالضلال والفسق، وقذفوا بعضهم بالكفر، وافتروا على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم (١)، وقد كشف أهل الحديث عن هؤلاء الكذبة، لذلك ناصبت أكثر الفرق العداء أصحاب الحديث، فاخترعوا الأباطيل وأرادوا أنْ تفقد الأُمَّة الثقة بهم، وتتبَّعُوا أحوالهم، من ذلك ما فعله المعتزلة والروافض وبعض فرق الشيعة، ومن أراد الاطلاع على بعض هذا فليراجع كتاب " قبول الأخبار " للبلخي. ولكن الله أبى إلاَّ أنْ يكشف أمر هذه الفرق، ويميط اللثام عن وجوه المتستِّرين وراءها، فكان أصحاب الحديث هو جنود الله - عَزَّ وَجَلَّ -، بيَّنُوا حقيقة هؤلاء، وأظهروا نواياهم وميولهم، فما من حديث، أو خبر في صحابي، أو يُشَكِّكُ في عقيدة، أو يخالف مبادئ الدين الحنيف إلاَّ بين جهابذة هذا الفن يد صانعه، وكشفوا عن علَّته.

فادِّعاء المؤلف مردود حتى يثبت زعمه بحُجَّةٍ صحيحة مقبولة. وكيف تتصوَّرُ معاوية يُحَرِّضُ الصحابة على وضع الحديث كذباً وبُهتاناً وزُوراً، ليطعنوا في أمير المؤمنين عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وقد شهد ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - لمعاوية بالفضل والعقل والفقه (٢) وقد ذكر ذلك البخاري في " صحيحه ". فهل للمؤلف أنْ يتَّهم حبر الأُمَّة وعالمها بالكذب، أو بالتشيُّع لمعاوية (٣)؟ هذا لا يمكن، وشهادة ترجمان القرآن صحيحة، وبذلك ننفي تُهمة المؤلف الأمين!! وقد افترى الإسكافي على الصحابة الذين ذكرهم، وبَيَّن ابن العربي في " العواصم من القواصم " جانباً من أمرهم وكانتهم وورعهم، كما بَيَّنَتْ كُتُبُ التراجم سيرتهم. ثم إنَّ روايات أهل الأهواء تسرَّبتْ إلى التاريخ الإسلامي، وخاصة ما يتعلَّق بأخبار الأمويِّين.


(١) انظر " العواصم من القواصم ": ص ١٨٢ - ١٨٣.
(٢) " فتح الباري ": ٨/ ١٠٤ - ١٠٥.
(٣) انظر " أضواء على التاريخ ": ص ١٩١ وما بعدها فللأستاذ محب الدين كلمة قَيِّمَةٌ في معاوية يجدر الاطلاع عليها.

<<  <   >  >>